ينتفي الحكم - يظهر [سر] ما أفاد علم الهدى السيد الشريف المرتضى (رحمه الله) من رد استدلالهم بالتمسك بقوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم...) (1) إلى آخره، فإنه يمنع عن قبول الشاهد الواحد حتى ينضم إليه شاهد آخر، ثم علمنا أن انضمام امرأتين إلى الشاهد الأول، قائم مقام الرجل الواحد، ثم علمنا أن ضم اليمين يقوم مقامه أيضا (2). فأشكل عليه (رحمه الله) بوجوه كثيرة (3).
وربما يقال: إن ما صدر منه في الرد على المفهوم لا ينبغي أن يصدر من أصاغر الطلبة، فضلا من مثله؛ فإن الآية الشريفة غير مربوطة بباب المفاهيم.
لكن بما ذكرنا يظهر وجهه؛ فإن ما يستدل به للمفهوم - في جميع المفاهيم - شيء واحد، هو مدار الاستدلال عند القدماء، والوجه الفريد الذي كانوا يعتمدون عليه؛ وهو أن إيراد القيد الزائد لو لم يكن لإفادة المفهوم، كان لغوا لا يصدر من الحكيم.
ولقد أجاب السيد (رحمه الله) بما أفاد عن هذا الاستدلال: بأن القيد قد يجيء لا لإفادة المفهوم، بل لأمر آخر، كما في الآية الشريفة (4).
ثم اعلم: أن الكلام في المفاهيم إنما يكون في قسميه - أي مفهوم الموافقة والمخالفة كليهما - ومدار الكلام فيهما إنما هو في القيود الزائدة في الكلام، لكن البحث في مفهوم الموافقة في أن بعض القيود لا يفهم منه القيدية لدى العرف، ويكون موضوع الحكم نفس الذات من دون تقيدها بالقيد، كما في قوله: