من تصوره وتصور ملزومه والنسبة بينهما، الجزم باللزوم؛ أي يكون بعد تلك التصورات بينا غير محتاج إلى تجشم الاستدلال عليه.
وغير البين من كل قسم ما يقابله (1).
وأما الاصوليون فيقسمون الدلالات باعتبار دلالة الكلام، لا بمعنى أن للكلام وضعا غير وضع المفردات، ودلالة غير دلالتها، بل بمعنى أن ما فهم من قوله: " زيد قائم " - ولو بدلالة " زيد " على الذات و " قائم " على الوضع الخاص، والهيئة على اتحاد المحمول اللا بشرط مع الموضوع خارجا - يسمى بدلالة المطابقة، ولا محالة يدل على جزء المعنى، فيدل القيام باعتبار كونه من مقولة الوضع؛ بمعنى تمام المقولة، على الهيئة الحاصلة من النسبتين؛ نسبة الأجزاء بعضها إلى بعض، ونسبة المجموع إلى الخارج، فيدل على الوضع؛ بمعنى جزء المقولة، بدلالة التضمن. وإن دل على أمر لازم له في الخارج تكون تلك دلالة الالتزام.
فالدلالة الالتزامية في اصطلاحهم هي الدلالة على اللازم الذي يمكن الاحتجاج به؛ فإن نظرهم في تقسيم الدلالات إلى ما يحتج به على المتكلم وله، والدلالات الثلاثة - بالمعنى الذي ذكرنا - يمكن الاحتجاج بها عليه وله، فإذا قال المتكلم: " إن الشمس طالعة " كما يمكن الاحتجاج عليه بإخباره بطلوع الشمس، كذلك يمكن الاحتجاج عليه بإخباره بوجود النهار، اللازم خارجا لطلوع الشمس، ويكون إخباره بوجود النهار بعين إخباره بطلوع الشمس.
وهذه الدلالات الثلاثة دلالات لفظية في محل النطق، وتكون حجة بلا إشكال، والقدماء من القوم أيضا يعدون هذه الدلالات دلالات لفظية، ودلالة المفهوم عندهم أمر خارج عنها، وهي الدلالة لا في محل النطق (2)، وهي نحو دلالة تفهم