دخالته في الموضوع أو الحكم - لابد وأن يعلم أن غاية ما يقتضيه إتيان القيد أن الذات المجردة عن القيد لا تكون تمام الموضوع للحكم، ويكون تمام الموضوع له هو المقيد بما هو مقيد، وإلا يكون إتيان القيد لغوا مخالفا للأصل العقلائي، وأما عدم كون الموضوع مع قيد آخر نائبا مناب هذا القيد في تمامية الموضوع للحكم؛ فلا دلالة للقيد عليه، ولا يكون مقتضى التقيد بشيء عدم كون قيد آخر نائبا عنه في الدخالة في الموضوع.
مثلا: إذا سئل الإمام (عليه السلام) عن غدير ماء تلغ فيه الكلاب، فقال: " إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء " يدل ذلك على أن تمام الموضوع لعدم التنجس، ليس الماء المجرد عن بلوغ الكرية، وإلا يكون إتيان القيد لغوا، وإنما تمام الموضوع هو ذات الماء مع قيد الكرية، لكن لا يدل ذلك على أن الماء - مع وصف آخر غير الكرية - لا يكون موضوعا لعدم التنجس؛ حتى يكون قوله:
" الماء الجاري لا ينجسه شيء " (1) منافيا ومعارضا له.
نعم، لو احرز أن المتكلم كان بصدد بيان تمام ما له دخل في الموضوع، واكتفى بذكر قيد أو قيود، لاستفيد منه المفهوم، كما لو سئل: " ما هو الماء الذي لا ينجسه شيء؟ " فقال: " إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء "، فإنه بضميمة مسبوقيته بالسؤال يكون ظاهرا في المفهوم، ولكن مع قيام القرينة يكون للقب أيضا مفهوما، كما لو سئل: " ما المائع الذي لا ينفعل؟ " فقال: " الماء لا ينفعل "، فإن المفهوم عرفا - مع قيام هذه القرينة - أن غير الماء ينفعل.
ومما ذكرنا يتضح: أن احتجاج علم الهدى (رحمه الله) على عدم المفهوم احتجاج متين في غاية التحقيق؛ فإن مدار المفهوم - كما عرفت - على لغوية القيد الزائد،