وأما فيما نحن فيه فلا يكون زمان الكون في خارج الدار، عين زمان التصرفات الخروجية، بل التصرفات مقدمة للكون في خارج الدار، وكذا لترك التصرف؛ فإن الكون في الخارج وترك التصرف في ملك الغير، إنما يتحققان بالخطوة الأخيرة التي تقع خارج الدار، وتكون الخطوات الواقعة في داخلها مقدمة للخروج وترك التصرف، وأين ذاك من مسألة الضدين.
وقال بعض آخر: إن رد المال المغصوب إلى مالكه واجب، والتصرفات الخروجية مقدمة له، فتقع واجبة (1).
وفيه: أن عنوان الغصب - وهو الاستيلاء على مال الغير عدوانا - غير عنوان التصرف في مال الغير بغير إذنه؛ فإن التصرف فيه لا يتوقف على الاستيلاء، فالداخل في ملك الغير بغير إذنه، لا يلزم أن يكون غاصبا ومستوليا عليه، بل ربما يكون الملك تحت استيلاء صاحبه، ويتصرف غيره فيه بغير إذنه، ولا يخفى أن عدم التفريق بين العنوانين صار منشأ للاشتباه في كثير من الفروع الفقهية. هذا، مضافا إلى أن وجوب رد المال المغصوب ممنوع، وإنما يكون الغصب حراما، ووجوب الرد ليس أمرا مستقلا بالجعل والاعتبار، بل هو أمر منتزع من حرمة الغصب، كما مرت نظائره (2).