وأما كونه منهيا عنه ومأمورا به على نحو الترتب، فهو مما لا يحتمله أحد، وإنما هو احتمال أبديناه.
ويمكن أن يقال في تقريره: إنه كما يمكن أن يتعلق الأمر بالأهم والمهم في صورة التزاحم بشيئين في وقت واحد بنحو الترتب؛ بأن يأمر المولى بالأهم بنحو الإطلاق، لكن لما احتمل أن يكون أمره بالأهم غير مؤثر في نفس المكلف - فتركه وترك المهم أيضا؛ لعدم الأمر به فلا يصل إلى شيء من غرضيه - يأمر بالمهم على فرض عدم تأثير الأمر بالأهم؛ حتى لا يكون زمان عصيان الأمر بالأهم خاليا عن إتيان المهم، كما مر (1) ذكره في الترتب مستوفى، فكذلك في المقام أن النهي إنما تعلق بالتصرف في ملك الغير بغير إذنه بنحو الإطلاق، وتعلق أمر آخر بنحو الاشتراط؛ بأنه لو لم يؤثر النهي في نفس المكلف، فعصى ودخل في ملك الغير، يجب عليه الخروج تخلصا من التصرف.
هذا، وفيه: أن قياس المقام بالترتب مع الفارق:
فإن في الترتب يكون أمران: أحدهما بالأهم، والآخر بالمهم، ومع تركهما يكون المكلف عاصيا ومعاقبا بالنسبة إليهما؛ لتركه التكليفين، وارتكابه المعصيتين.
وأما في المقام فلا يكون إلا النهي عن التصرف في ملك الغير بغير إذنه فقط، ولا يكون أمر في البين، وإنما يحكم العقل بلزوم الخروج؛ لأن أمره دائر بين البقاء والخروج، ويكون البقاء أكثر تصرفا وأشد محذورا من الخروج، فيحكم العقل بالخروج.