نعم، قد ذكر في مبحث الضد (1): أن الأمر بالشيء نهي عن ضده العام، لا بمعنى أن هنا أمرا ونهيا مستقلين وإطاعة وعصيانا؛ حتى يكون الآتي بالمأمور به مطيعا من جهتين، إحداهما إطاعة الأمر، والاخرى إطاعة طلب ترك الترك، بل لا يكون إلا أمر فقط، والنهي عن ضده العام فان فيه، ويكون متحققا بعين تحقق الأمر، فهما واحد باعتبار، ومتعدد باعتبار.
وبالجملة: لا يكون للنهي استقلال، ولا إطاعة ومعصية.
ونظير ذلك ما مر (2) في مبحث مقدمة الواجب: من كون المقدمات واجبات بعين وجوب ذيها، وفانيات فيه، ولا استقلال لها في الجعل، فلا إطاعة ولا معصية لها.
ونظير ذلك ما نحن فيه، فإن النهي عن التصرف في ملك الغير مقتض للأمر بضده العام - أي ترك التصرف - ولكن لا يكون ترك التصرف مأمورا به بالأمر الاستقلالي جعلا وتحققا، ولا يكون له إطاعة ومعصية؛ حتى يكون هنا أمر ونهي، ويقال: النهي مطلق، والأمر مشروط على نعت الترتب.
وبما ذكرنا من التحقيق يظهر المختار في المقام.
وحاصله: أن التصرف في مال الغير بغير إذنه، أو مع نهيه، حرام مبغوض من قبل المولى، ويكون ذلك التصرف خروجا عن طاعته وعصيانا له؛ من دون فرق بين التصرف الدخولي والخروجي في نظر العقل، فإنه يرى جميع التصرفات متساوية في كونها معصية وخروجا عن رسم العبودية، ولا يكون الخروج واجبا أو ترك الغصب واجبا؛ حتى تكون التصرفات الخروجية مقدمات له، بل التصرف حرام، لكن العقل يحكم - عند دوران الأمر بين التصرف الطويل