خامسها: أن يكون النهي إرشادا إلى الفساد، كالأمر الإرشادي من دون الدلالة على الحرمة والوجوب، ولا يبعد ظهور النواهي المتعلقة بها فيه، لكن في المعاملات بمعنى العقود والإيقاعات، لا بالمعنى الأعم (1). انتهى.
وفيه أولا: أن النهي عن نفس المعاملة بما هي فعل مباشري - أي بما هي ألفاظ صادرة من المتكلم - لا معنى له؛ فإنها بهذا المعنى ليست لها نفسية، ولا تتعلق بها المحبوبية والمبغوضية عند العقلاء، ولا أظن أن يكون في الشريعة المطهرة نهي متعلق بها من هذه الحيثية.
والنهي عن البيع وقت النداء ليس عن التلفظ به، بل هو نهي عن الاشتغال بغير ذكر الله؛ إرشادا إلى حضور الجمعة، ولما كان اشتغال الناس نوعا بالمعاملات والنقل والانتقالات، تعلق النهي بما هو مانع نوعي عن حضورهم إلى الجمعة، ومعلوم أن المعاملات المتعارفة بينهم إنما هي حقائقها لا ألفاظها.
مضافا إلى أن النهي عن البيع وقت النداء لم يكن تحريميا، بل هو نهي غيري، وإرشاد إلى الاشتغال بذكر الله، وعدم الاشتغال بغيره في هذا الوقت.
وثانيا: ما أفاد - من عدم دلالة النهي على الفساد في القسم الثالث - ليس على ما ينبغي لإمكان دعوى دلالته عليه فيه؛ لأن التسبب بمعاملة إلى حصول أثرها إذا كان مبغوضا، لا يمكن أن تكون المعاملة ممضاة من الشارع، وعدم إمضائها يدل على عدم ترتب الأثر عليها عنده، وهذا معنى الفساد.
وثالثا: أن ما أفاد من أن النهي يكون ظاهرا في الإرشاد إلى الفساد في خصوص العقود والإيقاعات، لا المعاملات بالمعنى الأعم.
مخدوش؛ لأن الإرشاد إلى الفساد، يعم المعاملات بالمعنى الأعم بالتقريب الذي ذكرنا في المعاملات بالمعنى الأخص؛ فإن النهي إذا تعلق بغسل الثوب بنحو