ومقصودهم منه هو الوجوب الشرعي، لا اللابدية العقلية؛ فإنها غير قابلة للنزاع والنقض والإبرام (1).
وليعلم: أن الشهرة في المسائل الأصلية الفقهية وإن لم تبعد حجيتها، بل تترجح عندنا، لكن ليست مسألتنا هذه منها؛ فإن الاشتهار في هذه المسألة - على الظاهر - لا يكون إلا بملاك إدراك الملازمة العقلية، لا الأمر التعبدي الواصل إليهم دوننا، ففي مثلها لا حجية لاتفاق الآراء فضلا عن الشهرة؛ فإن الحاكم في مثلها العقل، فإن أدرك الملازمة فهو، وإلا فلا موجب لحكمه بالوجوب.
نعم، ربما يتوهم: أن تفصيل بعضهم بين السبب وغيره (2) وبعضهم بين الشرط الشرعي وغيره (3) - مع أن الملاك العقلي مطرد في جميعها - يرجح كون الوجوب شرعيا، لا عقليا محضا، وإلا فلا معنى للتفصيل.
وفيه: أن التفصيلين مبنيان على اشتباه وخطأ لابد من رفعهما؛ حتى يرفع التوهم:
أما التفصيل بين السبب وغيره، فمبنى الاشتباه فيه أن المسببات التوليدية لا يعقل تعلق الأمر بها، بل لابد من صرف الأوامر المتعلقة بها ظاهرا إلى أسبابها؛ فإن القدرة إنما تتعلق بأسبابها، وإيجاد الأسباب عين إيجادها، وليس بينها وبين أسبابها تخلل إرادة وقدرة (4).