ولا بعث ولا تحريك نحو المقدمة؛ فإن البعث إليها هو البعث إلى ذيها حقيقة، لا إليها، تدبر (48).
48 - اعلم: أن المريد لإيجاد الفعل لما رأى توقفه على المقدمة، فلا محالة يكون جميع مبادئ إرادة المقدمة موجودة في نفسه، من التصور، والتصديق بالفائدة، والاشتياق التبعي في بعض الأحيان، والغاية هي التوصل إلى ذي المقدمة.
وأما الإرادة التشريعية، فليست إلا إرادة البعث إلى الشيء، وأما إرادة نفس عمل الغير، فغير معقولة؛ لأن عمل كل أحد متعلق إرادة نفسه، لا غيره. نعم، يمكن اشتياق صدور عمل من الغير، لكن قد عرفت مرارا: أن الاشتياق غير الإرادة التي هي تصميم العزم على الإيجاد، وهذا مما لا يتصور تعلقه بفعل الغير. فإرادة البعث لابد لها من مباد موجودة في نفس المولى، وهي بالنسبة إلى ذي المقدمة موجودة؛ لأن غاية البعث هو التوصل إلى المبعوث إليه ولو إمكانا، وهو حاصل.
وأما إرادة البعث إلى المقدمات، فمما لا فائدة لها ولا غاية؛ لأن البعث إلى ذي المقدمة إن كان مؤثرا في نفس العبد، فلا يمكن انبعاث فوق الانبعاث، وإلا فلا يمكن أن يكون البعث الغيري موجبا لانبعاثه مع كونه لنفس التوصل إلى ذي المقدمة، ومع عدم ترتب أثر عليه من الثواب والعقاب، فحينئذ تكون إرادة البعث من دون تمامية المبادئ من قبيل وجود المعلول بلا علة تامة. نعم، يمكن تعلقها بها إرشادا، أو لتأكيد ذي المقدمة كناية.
هذا، مع أن الضرورة قاضية بعدم إرادة البعث نحو المقدمات؛ لعدم تحقق البعث في غالب الموارد، فيلزم تفكيك الإرادة عن معلولها، فإرادة البعث غير حاصلة. (مناهج الوصول 1:
412 - 413).