ولا يخفى: أن هذا ليس تفصيلا في مقدمة الواجب، بل هو أجنبي عنها تماما، مع أنها في حد نفسها أيضا باطلة؛ فإن المقدور مع الواسطة مقدور كما مر (1).
وأما التفصيل بين الشرط الشرعي وغيره، فغاية ما يتوهم فيه أن الشرطية - فيما لا يكون عند العقل شرطا - إنما تنتزع من تقييد المكلف به به، كما إذا قيل:
" صل مع الطهارة " فلابد من تعلق الطلب المتعلق بالمركب به أيضا (2).
ولا يخفى ما فيه؛ فإنه - مضافا إلى خروجه عن مورد النزاع في باب مقدمة الواجب، فإن النزاع إنما يكون في المقدمات الخارجية، لا القيود والشرائط - أن الشرائط الشرعية ترجع إلى العقلية، فما يرى أنه يمكن وجوده بغير المقدمة الشرعية، كالصلاة التي يتوهم إمكان وجودها بلا طهارة عقلا، لا يكون كذلك واقعا؛ فإنها حقيقة واقعية لا يمكن تحققها إلا بالطهور، فالشرائط الشرعية مقدمات عقلية كشف عنها الشارع.
إذا عرفت ما ذكرنا: فقد استدل على وجوب المقدمة أبو الحسين البصري، وتبعه غيره: بأنه لو لم تجب المقدمة لجاز تركها، وحينئذ إن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق، وإلا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا؛ لصيرورته مشروطا بإتيان مقدمته، لكن اللازمين باطلان، فالملزوم مثلهما، فإذا بطل الملزوم - أي جواز الترك - وجبت المقدمة، وهذا هو المطلوب (3).