الثانية: من حيث إنه يعتبر فيها قصد التقرب والامتثال، فلابد من تعلق الأمر الغيري بالطهارات بداعي أمرها، فيأتي الإشكال المعروف في الواجبات التعبدية: من كون الأمر داعيا إلى داعوية نفسه (1) ولا يأتي الجواب الذي قال به المحقق الخراساني (رحمه الله) هناك: من تعلق الأمر بالأوسع من الغرض (2)؛ لأن الأمر الغيري إنما يتعلق بالمقدمة بملاك المقدمية، ولم يكن الملاك إلا في الطهارة المقيدة بالتقرب.
هذا، والتحقيق في الجواب عن الأول ما عرفت: من أن الثواب لم يكن لأجل وجوبها الغيري، بل لأجل الوجوب النفسي المتعلق بذي المقدمة (41).
مضافا إلى أن الوضوء والغسل من المستحبات النفسية، فإن أتى المكلف بهما بداعي استحبابهما النفسي، فلا إشكال في ترتب الثواب عليهما، وإن لم يكن له داع إلا الإتيان بذي المقدمة، فيأتي بهما لأجله، فيكون مثابا لأجل داعوية الأمر النفسي لإتيانهما، كما عرفت.
وعن الثاني: أن الجواب عن الإشكال هاهنا أهون؛ فإن الطهارة مع داعي الامتثال إذا كانت مقدمة للصلاة، تكون نفس الطهارة أيضا مقدمة؛ فإنها مقدمة المقدمة، فيتعلق الأمر بذات الطهارة لأجل المقدمية، وقد مر منا التحقيق في مثل المقام، فتذكر (42).