قوله (وإنه لتنزيل رب العالمين) الضمير يرجع إلى ما نزله عليه من الأخبار: أي وإن هذه الأخبار أو وإن القرآن وإن لم يجر له ذكر للعلم به، قيل وهو على تقدير مضاف محذوف: أي ذو تنزيل، وأما إذا كان تنزيل بمعنى منزل فلا حاجة إلى تقدير مضاف. قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم (نزل) مخففا، وقرأه الباقون مشددا، و (الروح الأمين) على القراءة الثانية منصوب على أنه مفعول به، وقد اختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد، والروح الأمين جبريل، كما في قوله - قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك - ومعنى (على قلبك) أنه تلاه على قلبه، ووجه تخصيص القلب، لأنه أول مدرك من الحواس الباطنة. قال أبو حيان: إن على قلبك ولتكون متعلقان بنزل، وقيل يجوز أن يتعلقا بتنزيل، والأول أولى، وقرئ نزل مشددا مبنيا للمفعول والفاعل هو الله تعالى، ويكون الروح على هذه القراءة مرفوعا على النيابة (تكون من المنذرين) علة للإنزال: أي أنزله لتنذرهم بما تضمنه من التحذيرات والإنذارات والعقوبات (بلسان عربي مبين) متعلق بالمنذرين: أي لتكون من المنذرين بهذا اللسان، وجوز أبو البقاء أن يكون بدلا من " به " وقيل متعلق بنزل، وإنما أخر للاعتناء بذكر الإنذار، وإنما جعل الله سبحانه القرآن عربيا بلسان الرسول العربي لئلا يقول مشركوا العرب لسنا نفهم ما تقوله بغير لساننا فقطع بذلك حجتهم وأزاح علتهم ودفع معذرتهم (وإنه لفي زبر الأولين) أي إن هذا القرآن باعتبار احكامه التي أجمعت عليها الشرائع في كتب الأولين من الأنبياء، والزبر الكتب، الواحد زبور، وقد تقدم الكلام على تفسير مثل هذا. وقيل الضمير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل المراد بكون القرآن في زبر الأولين أنه مذكور فيها هو نفسه، لا ما اشتمل عليه من الأحكام، والأول أولى (أو لم يكن لهم اية أن يعلمه علماء بني إسرائيل) الهمزة للإنكار، والواو للعطف على مقدر كما تقدم مرارا، والآية العلامة والدلالة: أي ألم
(١١٧)