صالح واختاره الفراء، وابن قتيبة.
والثاني: أن الرجل كان يعطي الرجل أخته ويأخذ أخته مكانها من غير مهر، فنهوا عن هذا بهذه الآية، رواه أبو سليمان التيمي عن بعض أشياخه.
قال ابن قتيبة: والصدقات: المهور، واحدها: صدقة. وفي قوله " نحلة) أربعة أقوال:
أحدها: أنها بمعنى الفريضة، قاله ابن عباس، وقتادة، وابن جريج، وابن زيد، ومقاتل.
والثاني: أنها الهبة والعطية، قاله الفراء.
قال ابن الأنباري: كانت العرب في الجاهلية لا تعطي النساء شيئا من مهورهن، فلما فرض الله لهن المهر، كان نحلة من الله أي: هبة للنساء، فرضا على الرجال.
وقال الزجاج: هو هبة من الله للنساء. قال القاضي أبو يعلى: وقيل: إنما سمي المهر:
نحلة، لأن الزوج لا يملك بدله شيئا، لأن البضع بعد النكاح في ملك المرأة، ألا ترى أنها لو وطئت بشبهة، كان المهر لها دون الزوج، وإنما الذي يستحقه الزوج الاستباحة، لا الملك.
والثالث: انها العطية بطيب نفس، فكأنه قال: لا تعطوهن مهورهن وأنتم كارهون، قال أبو عبيدة.
والرابع: أن معنى (النحلة): الديانة، فتقديره: وآتوهن صدقاتهن ديانة، يقال: فلان ينتحل كذا، أي: يدين به، ذكره الزجاج عن بعض العلماء.
قوله تعالى: (فان طبن لكم) يعني: النساء المنكوحات. وفي (لكم) قولان:
أحدهما: أنه يعني الأزواج.
والثاني: الأولياء. و " الهاء " في (منه) كناية عن الصداق، قال الزجاج: و (منه) هاهنا للجنس، كقوله [تعالى]: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) معناه: فاجتنبوا الرجس الذي هو وثن، فكأنه قال: كلوا الشئ الذي هو مهر، فيجوز أن يسأل الرجل المهر كله. و (نفسا) منصوب على التمييز.
فالمعنى: فإن طابت أنفسهن لكم بذلك، فكلوه هنيئا مريئا. وفي الهنئ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ما تؤمن عاقبته.
والثاني: ما أعقب نفعا وشفاء.