فصل واعلم أن الله تعالى علق رفع الحجر عن اليتامى بأمرين: بالبلوغ والرشد، وأمر الأولياء باختبارهم، فإذا استبانوا رشدهم، وجب عليهم تسليم أموالهم إليهم.
والبلوغ يكون بأحد خمسة أشياء، ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء، الاحتلام، واستكمال خمس عشرة سنة، والإنبات، وشيئان يختصان بالنساء: الحيض والحمل.
قوله تعالى: (ولا تأكلوها إسرافا) خطاب للأولياء، قال ابن عباس: لا تأكلوها بغير حق.
و (بدارا): تبادرون أكل المال قبل بلوغ الصبي (ومن كان غنيا فليستعفف) بماله عن مال اليتيم.
وفي الأكل بالمعروف أربعة أقوال:
أحدها: أنه الأخذ على وجه القرض، وهذا مروي عن عمر، وابن عباس، وابن جبير، وأبي العالية، وعبيدة، وأبي وائل، ومجاهد، ومقاتل.
والثاني: الأكل بمقدار الحاجة من غير إسراف، وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة، وعطاء، والنخعي، وقتادة، والسدي.
والثالث: انه الأخذ بقدر الأجرة إذا عمل لليتيم عملا، روي عن ابن عباس، وعائشة، وهي رواية أبي طالب، وابن منصور، عن أحمد رضي الله عنه والرابع: أنه الأخذ عند الضرورة، فإن أيسر قضاه، وإن لم يوسر، فهو في حل، وهذا قول الشعبي.
فصل واختلف العلماء هل هذه الآية محكمة أو منسوخة؟ على قولين:
أحدهما: محكمة، وهو قول عمر، وابن عباس، والحسن، والشعبي، وأبي العالية، ومجاهد، وابن جبير، والنخعي، وقتادة في آخرين. وحكمها عندهم أن الغني ليس له أن يأكل من مال اليتيم شيئا، فأما الفقير الذي لا يجد ما يكفيه، وتشغله رعاية مال اليتيم عن تحصيل الكفاية، فله ان يأخذ قدر كفايته بالمعروف من غير إسراف. وهل عليه الضمان إذا أيسر؟ فيه قولان لهم:
أحدهما: أنه لا ضمان عليه، بل يكون كالأجرة له على عمله، وهو قول الحسن، والشعبي، والنخعي وقتادة، وأحمد بن حنبل.