قوله تعالى: (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى) اختلفوا في تنزيلها، وتأويلها على ستة أقوال:
أحدها: أن القوم كانوا يتزوجون عددا كثيرا من النساء في الجاهلية، ولا يتحرجون من ترك العدل بينهن، وكانوا يتحرجون في شأن اليتامى، فقيل لهم بهذه الآية: احذروا من ترك العدل بين النساء، كما تحذرون من تركه في اليتامى وهذا المعنى مروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير والضحاك، وقتادة، والسدي ومقاتل.
والثاني: أن أولياء اليتامى كانوا يتزوجون النساء بأموال اليتامى، فلما كثر النساء، مالوا على أموال اليتامى، فقصروا على الأربع حفظا لأموال اليتامى. وهذا المعنى مروي عن ابن عباس أيضا، وعكرمة.
والثالث: أن معناها: وإن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا في صدقات اليتامى إذا نكحتموهن، فانكحوا سواهن من الغرائب اللواتي أحل الله لكم، وهذا المعنى مروي عن عائشة.
والرابع: أن معناها: وإن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا في نكاحهن، وحذرتم سوء الصحبة لهن، وقلة الرغبة فيهن، فانكحوا غيرهن، وهذا المعنى مروي عن عائشة أيضا، والحسن.
والخامس: أنهم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى، فأمروا بالتحرج من الزنى أيضا، وندبوا إلى النكاح الحلال، وهذا المعنى مروي عن مجاهد.
والسادس: أنهم تحرجوا من نكاح اليتامى، كما تحرجوا من أموالهم، فرخص الله لهم بهذه الآية، وقصرهم على عدد يمكن العدل فيه، فكأنه قال: وإن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا فيهن، فانكحوهن، ولا تزيدوا على أربع لتعدلوا، فإن خفتم أن لا تعدلوا فيهن، فواحدة، وهذا المعنى مروي عن الحسن.