والثاني: أن المؤمنين سألوا أن يعطوا علامة يفرقون بها بين المؤمن والمنافق، فنزلت هذه الآية، هذا قول أبى العالية.
والثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرضت علي أمتي، وأعلمت من يؤمن بي، ومن يكفر، فبلغ ذلك المنافقين، فاستهزؤوا، وقالوا: فنحن معه ولا يعرفنا، فنزلت هذه الآية، هذا قول السدي.
والرابع: أن اليهود، قالت: يا محمد قد كنتم راضين بديننا، فكيف بكم لو مات بعضكم قبل نزول كتابكم؟! فنزلت هذه الآية. هذا قول عمر مولى غفرة.
والخامس: أن قوما من المنافقين ادعوا أنهم في إيمانهم مثل المؤمنين، فأظهر الله نفاقهم يوم أحد، وأنزل هذه الآية، هذا قول أبي سليمان الدمشقي.
وفي المخاطب بهذه الآية قولان:
أحدهما: أنهم الكفار، والمنافقون، وهو قول ابن عباس، والضحاك.
والثاني: أنهم المؤمنون، فيكون المعنى: ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق. قال الثعلبي: وهذا قول أكثر أهل المعاني.
قوله تعالى: (حتى يميز الخبيث من الطيب) قرأ ابن كثير، ونافع وأبو عمرو، وابن عامر (حتى يميز) و (ليميز الله الخبيث) بفتح الياء والتخفيف. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، ويعقوب: " يميز " بالتشديد، وكذلك في الأنفال: (ليميز الله الخبيث).
قال أبو علي: مزت وميزت لغتان. قال ابن قتيبة: ومعنى يميز: يخلص. فأما الطيب، فهو المؤمن. وفي الخبيث قولان:
أحدهما: أنه المنافق، قاله مجاهد، وابن جريج.
والثاني: الكافر، قاله قتادة، والسدي. وفي الذي وقع به التمييز بينهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الهجرة والقتال، قاله قتادة، وهو قول من قال: الخبيث: الكافر.
والثاني: أنه الجهاد، وهو قول من قال: هو المنافق. قال مجاهد: فميز الله يوم أحد بين المؤمنين والمنافقين، حيث أظهروا النفاق وتخلفوا.
والثالث: أنه جميع الفرائض والتكاليف. فإن المؤمن مستور الحال بالإقرار، فإذا جاءت