قوله [تعالى): (الذين ينفقون في السراء والضراء) قال ابن عباس: في العسر واليسر وفي معنى الآية: أنهم رغبوا في معاملة الله، فلم يبطرهم الرخاء فينسيهم، ولم تمنعهم الضراء فيبخلوا.
قوله [تعالى]: (والكاظمين الغيظ) قال الزجاج: يقال: كظمت الغيظ: إذا أمسكت على ما في نفسك منه، وكظم البعير على جرته: إذا رددها في حلقه. وقال ابن الأنباري: الأصل في الكظم: الإمساك على غيظ وغم. وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى.
قوله [تعالى]: (والعافين عن الناس) فيه قولان:
أحدهما: أنه العفو عن المماليك، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه على إطلاقه، فهم يعفون عمن ظلمهم، قاله زيد بن أسلم، ومقاتل.
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين (136) قوله [تعالى]: (والذين إذا فعلوا فاحشة) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن امرأة أتت إلى نبهان التمار تشتري منه تمرا فضمها، وقبلها، ثم ندم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك، فنزلت هذه الآية، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني: أن أنصاريا وثقفيا آخى النبي [صلى الله عليه وسلم] بينها، فخرج الثقفي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في بعض مغازيه، فكان يتعاهد أهل الثقفي، فجاء ذات يوم فأبصر المرأة قد اغتسلت وهي ناشرة شعرها، فدخل ولم يستأذن، فذهب ليلثمها فوضعت كفها على وجهها، فقبله ثم ندم، فأدبر راجعا، فقالت:
سبحان الله خنت أمانتك، فخرج يسيح في الجبال، ويتوب من ذنبه. فلما قدم الثقفي أخبرته المرأة فوافقه ساجدا يقول: ذنبي ذنبي: قد خنت أخي. فقال: يا فلان انطلق إلى رسول [صلى الله عليه وسلم] فاسأله عن ذنبك، لعل الله أن يجعل لك منه مخرجا، فرجع إلى المدينة، فنزلت هذه الآية بتوبته، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وذكره مقاتل.