الداري، وعدي بن بداء، فقام أولياء السهمي، فأخذوا الجام، وحلف رجلان منهم بالله: إن هذا الجام جام صاحبنا، وشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا، فنزلت هذه الآية، والتي بعدها.
قال مقاتل: واسم الميت: بزيل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي، وكان تميم، وعدي نصرانيين، فأسلم تميم، ومات عدي نصرانيا. فأما التفسير: فقال الفراء: معنى الآية: ليشهدكم اثنان إذا حضر أحدكم الموت. قال الزجاج: المعنى: شهادة هذه الحال شهادة اثنين، فحذف " شهادة " ويقوم " اثنان " مقامهما. وقال ابن الأنباري: معنى الآية: ليشهدكم في سفركم إذا حضركم الموت، وأردتم الوصية اثنان. وفي هذه الشهادة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الشهادة على الوصية التي ثبتت عند الحكام، وهو قول ابن مسعود، وأبي موسى، وشريح، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والثوري، والجمهور.
والثاني: أنها أيمان الوصي بالله تعالى إذا ارتاب الورثة بهما، وهو قول مجاهد.
والثالث: أنها شهادة الوصية، أي: حضورها، كقوله [تعالى]: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) جعل الله الوصي هاهنا اثنين تأكيدا، واستدل أرباب هذا القول بقوله [تعالى]:
(فيقسمان بالله) قالوا: والشاهد لا يلزمه يمين. فأما " حضور الموت " فهو حضور أسبابه ومقدماته. وقوله [تعالى]: (حين الوصية)، أي: وقت الوصية. وفي قوله: " منكم " قولان:
أحدهما: من أهل دينكم وملتكم، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير وشريح، وابن سيرين، والشعبي، وهو قول أصحابنا.
والثاني: من عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضا، قاله الحسن وعكرمة، والزهري، والسدي.
قوله تعالى: (أو آخران) تقديره: أو شهادة آخرين من غيركم. وفي قوله [تعالى]: (من غيركم) قولان.
أحدهما: من غير ملتكم ودينكم، قاله أرباب القول الأول.
والثاني: من غير عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضا، قاله أرباب القول الثاني. وفي " أو " قولان:
أحدهما: أنها ليست للتخيير، وإنما المعنى: أو آخران من غيركم إن لم تجدوا منكم، وبه قال ابن عباس، وابن جبير.