والثالث: أنها ابنة السائبة، قاله ابن إسحاق، والفراء: قال ابن إسحاق: كانت الناقة إذا تابعت بين عشر إناث، ليس فيهن ذكر، سيبت، فإذا نتجت بعد ذلك أنثى، شقت أذنها، وسميت بحيرة، وخليت مع أمها.
والرابع: أنها الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن، وكان آخرها ذكرا بحروا أذنها، أي:
شقوها، وامتنعوا من ركوبها وذبحها، ولا تطرد عن ماء، ولا تمنع عن مرعى، وإذا لقيها لم يركبها، قاله الزجاج. فأما " السائبة "، فهي فاعلة بمعنى: مفعولة، وهي المسيبة، كقوله [تعالى]: (في عيشة راضية): أي مرضية. وفي السائبة خمسة أقوال:
أحدها: أنها التي تسيب من الأنعام للآلهة، لا يركبون لها ظهرا، ولا يحلبون لها لبنا، ولا يجزون منها وبرا، ولا يحملون عليها شيئا، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أن الرجل كان يسيب من ماله ما شاء، فيأتي به خزنة الآلهة، فيطعمون ابن السبيل من ألبانه ولحومه إلا النساء، فلا يطعمونهن شيئا منه إلا أن يموت، فيشترك فيه الرجال والنساء، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وقال الشعبي: كانوا يهدون لآلهتهم الإبل والغنم، ويتركونها عند الآلهة، فلا يشرب منها إلا رجل، فان مات منها شئ أكله الرجال والنساء.
والثالث: أنها الناقة إذا ولدت عشرة أبطن، كلهن إناث، سيبت، فلم تركب، ولم يجزلها وبر، ولم يشرب لبنها إلا ضيف أو ولدها حتى تموت، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء، ذكره الفراء.
والرابع: أنها البعير يسيب بنذر يكون على الرجل إن سلمه الله تعالى من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك، قاله ابن قتيبة. قال الزجاج: كان الرجل إذا نذر لشئ من هذا، قال: ناقتي سائبة، فكانت كالبحيرة في أن لا ينتفع بها ولا تمنع من ماء ومرعى.
والخامس: أنه البعير يحج عليه الحجة، فيسيب، ولا يستعمل شكرا لنجحها، حكا الماوردي عن الشافعي. وفي " الوصيلة " خمسة أقوال:
أحدها: أنها الشاة إذا نتجت سبعة أبطن، نظروا إلى السابع، فإن كان أنثى، لم ينتفع النساء منها بشئ إلا أن تموت، فيأكلها الرجال والنساء، وإن كان ذكرا، ذبحوه، فأكلوه جميعا.
وإن كان ذكرا وأنثى، قالوا: وصلت أخاها، فتترك مع أخيها فلا تذبح، ومنافعها للرجال دون النساء، فإذا ماتت، اشترك فيها الرجال والنساء، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وذهب إلى نحوه ابن قتيبة، فقال: إن كان السابع ذكرا، ذبح فأكل منه الرجال والنساء، وإن كان أنثى، تركت في النعم، وإن كان ذكرا وأنثى، قالوا: وصلت أخاها، فلم تذبح، لمكانها، وكانت لحومها حراما