والثاني: أنه الظلم، والمعنى: من الذين استحق عليهم ظلم الأوليين فحذف الظلم، وأقام الأوليين مقامه، ذكره ابن القاسم أيضا.
والثالث: أنه الخروج مما قاما به من الشهادة، لظهور خيانتهما.
والرابع: أنه الاثم، والمعنى: استحق منهم الاثم، ونابت " على " عن " من " كقوله [تعالى]: (على الناس يستوفون) أي: منهم. وقال الفراء: " على " بمعنى " في " كقوله [تعالى]:
(على ملك سليمان) أي: في ملكه، ذكر القولين أبو علي الفارسي. وعلى هذه الأقوال مفعول " استحق " محذوف مقدر، وعلى القول الثاني في معنى (استحق عليهم) قولان:
أحدهما: استحق منهم الأوليان، وهو اختيار ابن قتيبة.
والثاني: عليهم الاثم، ذكره الزجاج.
فأما " الأوليان " فقال الأخفش: الأوليان: اثنان، وأحدهما: الأولى، والجمع: الأولون: ثم للمفسرين فيهما قولان:
أحدهما: أنهما أولياء الميت، قاله الجمهور، قال الزجاج: " الأوليان " في قول أكثر البصريين يرتفعان على البدل مما في " يقومان " والمعنى: فليقم الأوليان بالميت مقام هذين الخائنين. وقال أبو علي: لا يخلو الأوليان أن يكون ارتفاعهما على الابتداء، أو يكون خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال:
فآخران يقومان مقامهما هما الأوليان، أو يكون بدلا من الضمير الذي في " يقومان " والتقدير: فيقوم الأوليان.
والقول الثاني: أن الأوليان: هما الذميان، والمعنى: أنهما الأوليان بالخيانة ذكرهما ابن الأنباري وروى قرة عن ابن كثير، وحفص وعاصم: " استحق " بفتح التاء والحاء " الأوليان " على التثنية، والمعنى: استحق عليهم الأوليان بالميت وصيته التي أوصى بها، فحذف المفعول. وقرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم: " استحق " برفع التاء، وكسر الحاء، " الأولين " بكسر اللام، وفتح النون على الجمع، والتقدير: من الأولين الذين استحق فيهم الإثم، أي: جني عليهم، لأنهم كانوا أولين في الذكر. ألا ترى أنه قد تقدم (ذوا عدل منكم) على قوله [تعالى]: (أو آخران من غيركم) وروى الحلبي عن عبد الوارث " الأولين " بفتح الواو وتشديدها، وفتح اللام، وسكون الياء، وكسر النون، وهي تثنية: أول. وقرأ الحسن البصري: " استحق " بفتح التاء والحاء، " الأولان " تثنية " أول " على البدل من قوله: " فآخران " وقال ابن قتيبة: أشبه الأقوال بالآية أن الله تعالى أراد أن يعرفنا كيف يشهد بالوصية عند حضور الموت فقال: (ذوا عدل منكم) أي: عدلان من المسلمين وعلم أن من الناس من يسافر فيصحبه في سفره أهل الكتاب دون المسلمين، وينزل القرية التي لا يسكنها غيرهم، ويحضره الموت، فلا يجد من يشهده من المسلمين، فقال: (أو