والثالث: أن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: بنو إسرائيل أكرم على الله منا! كان أحدهم إذا أذنب، أصبحت كفارة ذنوبه مكتوبة في عتبة بابه، فنزلت هذه الآية، فقال النبي عليه السلام: " ألا أخبركم بخير من ذلك "؟ فقرأ هذه الآية، والتي قبلها، هذا قول عطاء واختلفوا هل هذه الآية نعت للمنفقين في السراء والضراء؟ أم لقوم آخرين؟ على قولين:
أحدهما: أنها نعت لهم، قاله الحسن.
والثاني: أنها لصنف آخر، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والفاحشة: القبيحة وكل شئ جاوز قدره، فهو فاحش. وفي المراد بها هاهنا قولان:
أحدهما: أنها الزنى، قاله جابر بن زيد، والسدي، ومقاتل.
والثاني: أنها كل كبيرة، قاله جماعة من المفسرين.
واختلفوا في " الظلم " المذكور بعدها، فلم يفرق قوم بينه وبين الفاحشة، وقالوا: الظلم للنفس فاحشة أيضا، وفرق آخرون، فقالوا: هو الصغائر. وفي قوله [تعالى]: (ذكروا الله) قولان:
أحدهما: أنه ذكر اللسان، وهو الاستغفار، قاله ابن مسعود، وعطاء في آخرين.
والثاني: أنه ذكر القلب، ثم فيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه ذكر العرض على الله، قاله الضحاك.
والثاني: أنه ذكر السؤال عنه يوم القيامة، قاله الواقدي.
والثالث: ذكر وعيد الله لهم على ما أتوا، قاله ابن جرير.
والرابع: ذكر نهي الله لهم عنه.
والخامس: ذكر غفران الله: ذكر القولين أبو سليمان الدمشقي.
فأما الإصرار، فقال الزجاج: هو الإقامة على الشئ. وقال ابن فارس: هو العزم على الشئ والثبات عليه. وللمفسرين في المراد بالاصرار ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه مواقعة الذنب عند الاهتمام به. وهذا مذهب مجاهد.
والثاني: أنه الثبوت عليه من غير استغفار، وهذا مذهب قتادة، وابن إسحاق..
والثالث: أنه ترك الاستغفار منه، وهذا مذهب السدي. وفي معنى (وهم يعلمون) ثلاثة أقوال:
أحدها: وهم يعلمون أن الإصرار يضر، وان تركه أولى من التمادي، قاله ابن عباس، والحسن.