والثاني: أنهم اليهود، قاله مقاتل في آخرين، فعلى هذا القول انتظام الآيات ظاهر، وعلى الأول يرجع الكلام إلى قوله [تعالى] (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم) وفي الذين كفروا قولان:
أحدهما: أنهم اليهود، قاله أرباب القول الأول.
والثاني: أنهم مشركو العرب، قاله أرباب هذا القول الثاني.
قوله تعالى: (لبئسما قدمت لهم أنفسهم) أي: بئسما قدموا لمعادهم (أن سخط الله عليهم) قال الزجاج: يجوز أن تكون " أن " في موضع رفع على إضمار هو، كأنه قيل: هو أن سخط الله عليهم.
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون (82) وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين (83) قوله تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) قال المفسرون: نزلت هذه الآية وما بعدها مما يتعلق بها في النجاشي وأصحابه. قال سعيد بن جبير: بعث النجاشي قوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، فنزلت فيهم هذه الآية والتي بعدها، وسنذكر قصتهم فيما بعد. قال الزجاج: واللام في " لتجدن " لام القسم، والنون دخلت تفصل بين الحال والاستقبال، و " عداوة " منصوب على التمييز، واليهود ظاهروا المشركين على المؤمنين حسدا للنبي [عليه السلام].
قوله تعالى: (والذين أشركوا) يعني: عبدة الأوثان. فأما الذين قالوا: إنا نصارى، فهل هذا عام في كل النصارى، أم خاص؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه خاص، ثم فيه قولان:
أحدهما: أنه أراد النجاشي وأصحابه لما أسلموا، قاله ابن عباس، وابن جبير.
والثاني: أنهم قوم من النصارى كانوا متمسكين بشريعة عيسى، فلما جاء محمد عليه السلام أسلموا، قاله قتادة.