قوله [تعالى]: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) سبب نزولها أن مالك بن الضيف ووهب ابن يهوذا اليهوديين، قالا لابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة: ديننا خير ما تدعونا إليه، ونحن أفضل منكم فنزلت هذه الآية، هذا قول عكرمة ومقاتل. وفيمن أريد بهذه الآية، أربعة أقوال:
أحدها: أنهم أهل بدر.
والثاني: أنهم المهاجرون.
والثالث: جميع الصحابة.
والرابع: جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، نقلت هذه الأقوال كلها عن ابن عباس. وقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها، وأكرمها على الله عز وجل ". قال الزجاج: وأصل الخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يعم سائر أمته.
وفي قوله [تعالى]: (كنتم)، قولان:
أحدهما: أنها على أصلها، والمراد بها الماضي، ثم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: كنتم في اللوح المحفوظ.
والثاني: أن معناه: خلقتم ووجدتم. ذكرهما المفسرون.
والثالث: أن المعنى: كنتم مذ كنتم، ذكره ابن الأنباري.
والثاني: أن معنى كنتم: أنتم، كقوله [تعالى]: (وكان الله غفورا رحيم).
ذكره الفراء، والزجاج. قال ابن قتيبة: وقد يأتي الفعل على بنية الماضي، وهو راهن، أو مستقبل، كقوله [تعالى]: (كنتم) ومعناه: أنتم، ومثله: (وإذ قال الله يا عيسى)، أي: وإذ يقول. ومثله: (أتى أمر الله)، أي: سيأتي، ومثله: (كيف نكلم من كان في المهد)، أي: من هو في المهد، ومثله: (وكان الله سميعا بصيرا)، أي: والله سميع بصير، ومثله: (فتثير سحابا فسقناه)، أي: فنسوقه.
وفي قوله [تعالى]: (خير أمة أخرجت للناس) قولان: