الحقائق ومبدأ الوحي والتنزيل والروح الأمين أمير المؤمنين - عليه آلاف التحية والثناء إلى يوم الدين واللعنة الدائمة على أعدائه أجمعين - فيكون هناك قول عدل ورأي جزل، كما نشير إليه - إن شاء الله تعالى - وتفصيله في موقف آخر.
وربما يستشم من هذه الآية الشريفة، من استناد الإحاطة والاستيلاء إلى ذاته تعالى على الكفار وغيرهم، أنه هو الوجود المطلق، فتكون هذه الآية من مؤيدات مقالة أهل الذوق والعرفان.
والذي هو التحقيق: أن الله تعالى إحاطته بالأشياء أمر ووصف من أوصافه الذاتية، وله التجلي الذاتي، فإذا تجلى باسم المحيط تكون إحاطته بالأشياء عين وجود هذه الأشياء، الذي هو عين حقيقة فعله وتجليه الفعلي، فهذه الآية الشريفة تدل على الأمرين: الأول أنه تعالى ذات موصوفة بالإحاطة، والثاني أن له الإحاطة على الأشياء، إلا أن إحاطته التي هي تجليه الفعلي، من المعاني الاندكاكية والأمور المتدلية إلى الذات الأحدية الإلهية، ولا يمكن أن يحكم عليه بالأحكام النفسية الاسمية، ولذلك يقال: هو تعالى محيط بالأشياء، وأما ما هو بالحقيقة إحاطته هو فعله الفاني فيه، الساري إليه أحكامه وخواصه وآثاره، ولذلك يستند إليه كل ذلك بالحقيقة، لأن حقيقة الاندكاك والفناء تقتضي ذلك.
فليتدبر في هذا كله حتى يتبين لك مشاكل المعارف الإلهية.