والذي يظهر لي: أن المحافظة على أواخر الآي والتفنن بتغير أسلوب الكلام، اقتضيا ذلك، مع أن فيه إشعارا بأن المثال المزبور يطابق مقاصدهم السيئة غير الظاهرة، ولا ينبغي أن يتوهم متوهم: بأن المنافقين ما أبرزوا أمرهم، فكيف يمكن التشبيه بحالهم المخفية؟ فإن الله تعالى محيط بأحوالهم وملكاتهم ومقاصدهم وخبايا نفوسهم الخبيثة وغير ذلك.
وإشعارا أيضا بأن إرادتهم المحافظة على دمائهم ونفوسهم بالنفاق، أو بجعل أصابعهم في آذانهم، غير كافية لحفظهم عن الخطرات والمهالك، فإن الله محيط بالكافرين.
وأما التعبير عن المنافقين بالكافرين، فلما فيه كشف سترهم وتوضيح باطنهم، ولأجل ذلك أتى بالمظهر موضع المضمر أيضا، إيفاء بذلك وتأدية حق الأمر بالنسبة إلى المؤمنين، حتى لا يختفي عليهم شئ من سوء تدبيرهم وقصدهم، خذلهم الله تعالى.