طرق أخرى عنهم وعن غيرهم (قوله لا تصوموا حتى تروا الهلال) ظاهره ايجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلا أو نهارا لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل وبعض العلماء فرق بين ما قبل الزوال أو بعده وخالف الشيعة الاجماع فأوجبوه مطلقا وهو ظاهر في النهى عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال فيدخل فيه صورة الغيم وغيرها ولو وقع الاقتصار على هذه الجملة لكفى ذلك لمن تمسك به لكن اللفظ الذي رواه أكثر الرواة أوقع للمخالف شبهة وهو قوله فان غم عليكم فاقدروا له فاحتمل ان يكون المراد التفرقة بين حكم الصحو والغيم فيكون التعليق على الرؤية متعلقا بالصحو وأما الغيم فله حكم آخر ويحتمل أن لا تفرقة ويكون الثاني مؤكدا للأول والى الأول ذهب أكثر الحنابلة والى الثاني ذهب الجمهور فقالوا المراد بقوله فاقدروا له أي انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين ويرجح هذا التأويل الروايات الأخر المصرحة بالمراد وهى ما تقدم من قوله فأكملوا العدة ثلاثين ونحوها وأولى ما فسر الحديث بالحديث وقد وقع الاختلاف في حديث أبي هريرة في هذه الزيادة أيضا فرواها البخاري كما ترى بلفظ فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وهذا أصرح ما ورد في ذلك وقد قيل إن آدم شيخه انفرد بذلك فان أكثر الرواة عن شعبة قالوا فيه فعدوا ثلاثين أشار إلى ذلك الإسماعيلي وهو عند مسلم وغيره قال فيجوز أن يكون آدم أورده على ما وقع عنده من تفسير الخبر (قلت) الذي ظنه الإسماعيلي صحيح فقد رواه البيهقي من طريق إبراهيم بن يزيد عن آدم بلفظ فان غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما يعنى عدوا شعبان ثلاثين فوقع للبخاري ادراج التفسير في نفس الخبر ويؤيد رواية أبى سلمة عن أبي هريرة بلفظ لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين فإنه يشعر بان المأمور بعدده هو شعبان وقد رواه مسلم من طريق الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد بلفظ فأكملوا العدد وهو يتناول كل شهر فدحل فيه شعبان وروى الدارقطني وصححه وابن خزيمة في صحيحه من حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فان غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام وأخرجه أبو داود وغيره أيضا وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة من طريق ربعي عن حذيفة مرفوعا لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة وقيل الصواب فيه عن ربعي عن رجل من الصحابة مبهم ولا يقدح ذلك في صحته قال ابن الجوزي في التحقيق لأحمد في هذه المسئلة وهى ما إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال أحدها يجب صومه على أنه من رمضان ثانيها لا يجوز فرضا ولا نفلا مطلقا بل قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك ثالثها المرجع إلى رأى الامام في الصوم والفطر واحتج الأول بأنه موافق لرأى الصحابي راوي الحديث قال أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر فذكر الحديث بلفظ فاقدروا له قال نافع فكان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر فان رأى فذاك وان لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا وان حال أصبح صائما وأما ما روى الثوري في جامعه عن عبد العزيز بن حكيم سمعت ابن عمر يقول لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه فالجمع بينهما انه في الصورة التي أوجب فيها لصوم لا يسمى يوم شك وهذا هو المشهور عن أحمد
(١٠٣)