أدرك عمر (قوله إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة) كذا أخرجه مختصرا وقد أخرجه مسلم والنسائي من هذا الوجه بتمامه مثل رواية الزهري الثانية والظاهر أن البخاري جمع المتن باسنادين وذكر موضع المغايرة وهو أبواب الجنة في رواية إسماعيل بن جعفر وأبواب السماء في رواية الزهري (قوله حدثني بن أبي أنس) هو أبو سهيل نافع بن أبي أنس مالك بن أبي عامر شيخ إسماعيل بن جعفر وهو من صغار شيوخ الزهري بحيث أدركه تلامذة الزهري وهو أصغر منهم كإسماعيل ابن جعفر وهذا الاسناد يعد من رواية الاقران وقد تأخر أبو سهيل في الوفاة عن الزهري وقد بين النسائي ان مراد الزهري بابن أبى أنس نافع هذا فاخرج من وجه آخر عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني أبو سهيل عن أبيه وأخرجه من طريق صالح عن ابن شهاب فقال أخبرني نافع بن أبي أنس وروى هذا الحديث معمر عن الزهري فأرسله وحذف من بينه وبين أبي هريرة ورواه ابن إسحاق عن الزهري عن أويس بن أبي أويس عديل بنى تيم عن أنس قال النسائي وهو خطأ (قوله مولى التيميين) أي مولى بنى تيم والمراد منهم آل طلحة بن عبيد الله أحد العشرة وكان أبو عامر والد مالك قد قدم مكة فقطنها وحالف عثمان بن عبيد الله أخا طلحة فنسب إليه وكان مالك الفقيه يقول لسنا موالى آل تيم انما نحن عرب من أصبح ولكن جدي حالفهم (قوله وسلسلت الشياطين) قال الحليمي يحتمل ان يكون المراد أن الشياطين مسترقوا السمع منهم وان تسلسلهم يقع في ليالي رمضان دون أيامه لانهم كانوا منعوا في زمن نزول القرآن من استراق السمع فزيدوا التسلسل مبالغة في الحفظ ويحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر وقال غيره المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم وترجم لذلك ابن خزيمة في صحيحه وأورد ما أخرجه هو وللترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وأخرجه النسائي من طريق أبى قلابة عن أبي هريرة بلفظ وتغل فيه مردة الشياطين زاد أبو صالح في روايته وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى مناد يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة لفظ ابن خزيمة وقوله صفدت بالمهملة المضمومة بعدها فاء ثقيلة مكسورة أي شدت بالأصفاد وهى الأغلال وهو بمعنى سلسلت ونحوه للبيهقي من حديث ابن مسعود وقال فيه فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب الشهر كله قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن ابن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة قال ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك أسباب لدخول الجنة وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الاغواء وتزيين الشهوات قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره وأما الرواية التي فيها أبواب الرحمة وأبواب السماء فمن تصرف الرواة والأصل أبواب الجنة بدليل
(٩٧)