طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار بلفظ لا تحجن امرأة الا ومعها ذو محرم فنص في نفس الحديث على منع الحج فكيف يخص من بقية الاسفار والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات وفى قول تكفى امرأة واحدة ثقة وفى قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة وأغرب القفال فطرده في الاسفار كلها واستحسنه الروياني قال الا أنه خلاف النص قلت وهو يعكر على نفى الاختلاف الذي نقله البغوي آنفا واختلفوا هل المحرم وما ذكر معه شرط في وجوب الحج عليها أو شرط في التمكن فلا يمنع الوجوب والاستقرار في الذمة بحال أبى الطيب الطبري منهم الشرائط التي يجب بها الحج على الرجل يجب بها على المرأة فإذا أرادت ان تؤديه فلا يجوز لهم الا مع محرم أو زوج أو نسوة ثقات ومن الأدلة على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق أول أحاديث الباب لاتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك ومن أبى ذلك من أمهات المؤمنين فإنما أباه من جهة خاصة كما تقدم لا من جهة توقف السفر على المحرم ولعل هذا هو النكتة في ايراد البخاري الحديثين أحدهما عقب الآخر ولم يختلفوا ان النساء كلهن في ذلك سواء الا ما نقل عن أبي الوليد الباجي انه خصه بغير العجوز التي لا تشتهى وكانه نقله من الخلاف المشهور في شهود المرأة صلاة الجماعة قال ابن دقيق العيد الذي قاله الباجي تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى يعنى مع مراعاة الامر الأغلب وتعقبوه بان لكل ساقطة لاقطة والمتعقب راعى الامر النادر وهو الاحتياط قال والمتعقب على الباجي يرى جواز سفر المرأة في الامن وحدها فقد نظر أيضا إلى المعنى يعنى فليس له ان ينكر على الباجي وأشار بذلك إلى الوجه المتقدم والأصح خلافه وقد احتج له بحديث عدى بن حاتم مرفوعا يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا زوج معها الحديث وهو في البخاري وتعقب بأنه يدل على وجود ذلك لا على جوازه وأجيب بأنه خبر في سياق المدح ورفع منار الاسلام فيحمل على الجواز ومن المستظرف ان المشهور من مذهب من لم يشترط المحرم أن الحج على التراخي ومن مذهب من يشترطه انه حج على الفور وكان المناسب لهذا قول هذا وبالعكس وأما ما قال النووي في شرح حديث جبريل في بيان الايمان والاسلام عند قوله إن تلد الأمة ربتها فليس فيه دلالة على إباحة بيع أمهات الأولاد ولا منع بيعهن خلافا لمن استدل به في كل منهما لأنه ليس في كل شئ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيقع يكون محرما ولا جائزا انتهى وهو كما قال لكن القرينة المذكورة تقوى الاستدلال به على الجواز قال ابن دقيق العيد هذه المسئلة تتعلق بالعامين إذا تعارضا فان قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا عام في الرجال والنساء فمقتضاه ان الاستطاعة على السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع وقوله صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة الا مع محرم عام في كل سفر فيدخل فيه الحج فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث فيحتاج إلى الترجيح من خارج وقد رجح المذهب الثاني بعموم قوله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليس ذلك بجيد لكونه عاما في المساجد فيخرج عنه المسجد الذي يحتاج إلى السفر بحديث النهى (قوله الا مع ذي محرم) أي فيحل ولم يصرح بذكر الزوج وسيأتى في
(٦٥)