للسالب لكنه لا يخمس وأغرب بعض الحنفية فادعى الاجماع على ترك الاخذ بحديث السلب ثم استدل بذلك على نسخ أحاديث تحريم المدينة ودعوى الاجماع مردودة فبطل ما ترتب عليها قال ابن عبد البر لو صح حديث سعد لم يكن في نسخ أخذ السلب ما يسقط الأحاديث الصحيحة ويجوز أخذ العلف لحديث أبي سعيد في مسلم ولا يخبط فيها شجرة الا لعلف ولابى داود من طريق أبى حسان عن علي نحوه وقال المهلب في حديث أنس دلالة على أن المنهى عنه في الحديث الماضي مقصور على القطع الذي يحصل به الافساد فأما من يقصد الاصلاح كمن يغرس بستانا مثلا فلا يمتنع عليه قطع ما كان بتلك الأرض من شجر يضر بقاؤه قال وقيل بل فيه دلالة على أن النهى انما يتوجه إلى ما أنبته الله من الشجر مما لا صنع للآدمي فيه كما حمل عليه النهى عن قطع شجر مكة وعلى هذا يحمل قطعه صلى الله عليه وسلم النخل وجعله قبلة المسجد ولا يلزم منه النسخ المذكور (قوله لا يقطع شجرها) في رواية يزيد بن هارون لا يختلى خلاها وفى حديث جابر عند مسلم لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها ونحوه عنده عن سعد (قوله من أحدث فيها حدثا) زاد شعبة وحماد بن سلمة عن عاصم عند أبي عوانة أو آوى محدثا وهذه الزيادة صحيحة الا أن عاصما لم يسمعها من أنس كما سيأتي بيان ذلك في كتاب الاعتصام (قوله فعليه لعنة الله) فيه جواز لعن أهل المعاصي والفساد لكن لا دلالة فيه على لعن الفاسق المعين وفيه ان المحدث والمؤوي للمحدث في الاثم سواء والمراد بالحدث والمحدث الظلم والظالم على ما قيل أو ما هو أعم من ذلك قال عياض واستدل بهذا على أن الحدث في المدينة من الكبائر والمراد بلعنة الملائكة والناس المبالغة في الابعاد عن رحمة الله قال والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه في أول الأمر وليس هو كلعن الكافر * الحديث الثاني حديث أنس في بناء المسجد أورد منه طرفا وقد مضى في الصلاة وسيأتى بتمامه في أول المغازي إن شاء الله تعالى وقد بينت المراد بايراده هنا في الكلام على الحديث الأول وهو أن ذلك كان قبل التحريم والله أعلم * الحديث الثالث * (قوله حدثنا إسماعيل بن عبد الله) هو ابن أبي أويس واخوه اسمه عبد الحميد وسليمان وهو ابن بلال وقد سمع إسماعيل منه وروى كثيرا عن أخيه عنه والاسناد كله مدنيون (قوله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة) قال الإسماعيلي رواه جماعة عن عبيد الله هكذا وقال عبدة بن سليمان عن عبيد الله عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة زاد فيه عن أبيه (قوله حرم ما بين لابتى المدينة) كذا للأكثر بضم أول حرم على البناء لما لم يسم فاعله وفى رواية المستملى حرم بفتحتين على أنه خبر مقدم وما بين لابتى المدينة المبتدا ويؤيد الأول ما رواه أحمد عن محمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمر في هذا الحديث بلفظ ان الله عز وجل حرم على لساني ما بين لابتى المدينة ونحوه للإسماعيلي من طريق أنس بن عياض عن عبيد الله وقد تقدم القول في اللابتين في الحديث الأول وزاد مسلم في بعض طرقه وجعل اثنى عشر ميلا حول المدينة حمى وروى أبو داود من حديث عدى بن زيد قال حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريدا بريدا لا يخبط شجره ولا يعضد الا ما يساق به الجمل (قوله وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بنى حارثة) في رواية الإسماعيلي ثم جاء بنى حارثة وهم في سند الحرة أي في الجانب المرتفع منها وبنو حارثة بمهملة ومثلثة بطن مشهور من الأوس وهو حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس وكان
(٧٢)