الجهاد وغيره من طريق محمد بن جعفر ويعقوب بن عبد الرحمن ومالك كلهم عن عمرو بلفظ ما بين لابتيها وكذا في حديث أبي هريرة ثالث أحاديث الباب وسيأتى بعد أبواب من وجه اخر وكذا في حديث رافع بن خديج وأبى سعيد وسعد وجابر وكلها عند مسلم وكذا رواه أحمد من حديث عبادة الزرقي والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن عوف والطبراني من حديث أبي اليسر وأبى حسين وكعب بن مالك كلهم بلفظ ما بين لابتيها واللابتان جمع لابة بتخفيف الموحدة وهى الحرة وهى الحجارة السود وقد تكرر ذكرها في الحديث ووقع في حديث جابر عند أحمد وأنا أحرم المدينة ما بين حريتها فادعى بعض الحنفية ان الحديث مضطرب لأنه وقع في رواية ما بين جبليها وفى رواية ما بين لابتيها وفى رواية مأزميها وتعقب بان الجمع بينهما واضح وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة فان الجمع لو تعذر أمكن الترجيح ولا شك ان رواية ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر وأما رواية مأزميها فهي في بعض طرق حديث أبي سعيد والمازم بكسر الزاي المضيق بين الجبلين وقد يطلق على الجبل نفسه واحتج الطحاوي بحديث انس في قصة أبى عمير ما فعل النغير قال لو كان صيدها حراما ما جاز حبس الطير وأجيب باحتمال أن يكون من صيد الحل قال احمد من صاد من الحل ثم ادخله المدينة لم يلزمه ارساله لحديث أبى عمير وهذا قول الجمهور لكن لا يرد ذلك على الحنفية لان صيد الحل عندهم إذا دخل الحرم كان له حكم الحرم ويحتمل أن تكون قصة أبى عمير كانت قبل التحريم واحتج بعضهم بحديث أنس في قصة قطع النخل لبناء المسجد ولو كان قطع شجرها حراما ما فعله صلى الله عليه وسلم وتعقب بان ذلك كان في أول الهجرة كما سيأتي واضحا في أول المغازي وحديث تحريم الدينة كان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيبر كما سيأتي في حديث عمرو بن أبي عمرو عن انس في الجهاد وفى غزوة أحد من المغازي واضحا وقال الطحاوي يحتمل أن يكون سبب النهى عن صيد المدينة وقطع شجرها كون الهجرة كانت إليها فكان بقاء الصيد والشجر مما يزيد في زينتها ويدعو إلى ألفتها كما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هدم آطام المدينة فإنها من زينة المدينة فلما انقطعت الهجرة زال ذلك وما قاله ليس بواضح لان النسخ لا يثبت الا بدليل وقد ثبت على الفتوى بتحريمها سعد وزيد بن ثابت و أبو سعيد وغيرهم كما أخرجه مسلم وقال ابن قدامة يحرم صيد المدينة وقطع شجرها وبه قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة لا يحرم ثم من فعل مما حرم عليه فيه شيئا اثم ولا جزاء عليه في رواية لأحمد وهو قول مالك والشافعي في الجديد وأكثر أهل العلم وفى رواية لأحمد وهو قول الشافعي في القديم وابن أبي ذئب واختاره ابن المنذر وابن نافع من أصحاب مالك وقال القاضي عبد الوهاب انه الأقيس واختاره جماعة بعدهم فيه الجزاء وهو كما في حرم مكة وقيل الجزاء في حرم المدينة أخذ السلب لحديث صححه مسلم عن سعد بن أبي وقاص وفى رواية لأبي داود من وجد أحدا يصيد في حرم المدينة فليسلبه قال القاضي عياض لم يقل بهذا بعد الصحابة الا الشافعي في القديم (قلت) واختاره جماعة معه وبعده لصحة الخبر فيه ولمن قال به اختلاف في كيفيته ومصرفه والذي دل عليه صنيع سعد عند مسلم وغيره انه كسلب القتيل وانه
(٧١)