الجهنية الماضي في الباب اقضوا الله فالله أحق بالوفاء وادعى آخرون منهم ان ذلك خاص بالابن يحج عن أبيه ولا يخفى انه جمود وقال القرطبي رأى مالك ان ظاهر حديث الخثعمية مخالف لظاهر القرآن فرجع ظاهر القرآن ولا شك في ترجيحه من جهة تواتره ومن جهة ان القول المذكور قول امرأة ظنت ظنا قال ولا يقال قد أجابها النبي صلى الله عليه وسلم على سؤالها ولو كان ظنها غلطا لبينه لها لأنا نقول انما أجابها عن قولها أفأحج عنه قال حجى عنه لما رأى من حرصها على ايصال الخير والثواب لأبيها اه وتعقب بان في تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لها على ذلك حجة ظاهرة وأما ما رواه عبد الرزاق من حديث ابن عباس فزاد في الحديث حج عن أبيك فإن لم يزده خيرا لم يزده شرا فقد جزم الحفاظ بأنها رواية شاذة وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها للمخالف ومن فروع المسئلة ان لا فرق بين من استقر الوجوب في ذمته قبل العضب أو طرأ خلافا للحنفية وللجمهور ظاهر قصة الخثعمية وان من حج عن غيره وقع الحج عن المستنيب خلافا لمحمد ابن الحسن فقال يقع عن المباشر وللمحجوج عنه أجر النفقة واختلفوا فيما إذا عنوا في المعضوب فقال الجمهور لا يجزئه لأنه تبين انه لم يكن ميؤسا منه وقال أحمد واسحق لا تلزمه الإعادة لئلا يفضى إلى ايجاب حجتين واتفق من أجاز النيابة في الحج على انها لا تجزئ في الفرض الا عن موت أو عضب فلا يدخل المريض لأنه يرجى برؤه ولا المجنون لأنه ترجى افاقته ولا المحبوس لأنه يرجى خلاصه ولا الفقير لأنه يمكن استغناؤه والله أعلم وفى الحديث من الفوائد أيضا جواز الارتداف وسيأتى مبسوطا قبيل كتاب الأدب وارتداف المرأة مع الرجل وتواضع النبي صلى الله عليه وسلم ومنزلة الفضل بن عباس منه وبيان ما ركب في الآدمي من الشهوة وجبلت طباعه عليه من النظر إلى الصور الحسنة وفيه منع النظر إلى الأجنبيات وغض البصر قال عياض وزعم بعضهم انه غير واجب الا عند خشية الفتنة قال وعندي ان فعله صلى الله عليه وسلم إذ غطى وجه الفضل أبلغ من القول ثم قال لعل الفضل لم ينظر نظرا ينكر بل خشى عليه ان يئول إلى ذلك أو كان قبل نزول الامر بادناء الجلابيب ويؤخذ منه التفريق بن الرجال والنساء خشية الفتنة وجواز كلام المرأة وسماع صوتها للأجانب عند الضرورة كالاستفتاء عن العلم والترافع في الحكم والمعاملة وفيه ان احرام المرأة في وجهها فيجوز لها كشفه في الاحرام وروى أحمد وابن خزيمة من وجه آخر عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للفضل حين غطى وجهه يوم عرفة هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له وفى هذا الحديث أيضا النيابة في السؤال عن العلم حتى من المرأة عن الرجل وان المرأة تحج بغير محرم وان المحرم ليس من السبيل المشترط في الحج لكن الذي تقدم من أنها كانت مع أبيها قد يرد على ذلك وفيه بر الوالدين والاعتناء بامرهما والقيام بمصالحهما من قضاء دين وخدمة ونفقة وغير ذلك من أمور الدين والدنيا واستدل به على أن العمرة غير واجبة لكون الخثعمية لم تذكرها ولا حجة فيه لان مجرد ترك السؤال لا يدل على عدم الوجوب لاستفادة ذلك من حكم الحج ولاحتمال ان يكون أبوها قد اعتمر قبل الحج على أن السؤال عن الحج والعمرة قد وقع في حديث أبي رزين كما تقدم وقال ابن العربي حديث الخثعمية أصل متفق على صحته في الحج خارج عن القاعدة المستقرة في الشريعة من أن ليس للانسان الا ما سعى رفقا من الله في استدراك ما فرط فيه المرء بولده وماله وتعقب بأنه يمكن ان يدخل في عموم السعي وبان عموم السعي
(٦٠)