فيها وذلك لا يختص بما يستأصل واستدل به على اشتراط الاحرام على من دخل الحرم قال القرطبي معنى قوله حرمه الله أي يحرم على غير المحرم دخوله حتى يحرم ويجرى هذا مجرى قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم أي وطؤهن وحرمت عليكم الميتة أي أكلها فعرف الاستعمال يدل على تعيين المحذوف قال وقد دل على صحة هذا المعنى اعتذاره عن دخوله مكة غير محرم مقاتلا بقوله لم تحل لي الا ساعة من نهار الحديث قال وبهذا أخذ مالك والشافعي في أحد قوليهما ومن تبعهما في ذلك فقالوا لا يجوز لاحد أن يدخل مكة الا محرما الا إذا كان ممن يكثر التكرار (قلت) وسيأتى بسط القول في ذلك بعد سبعة أبواب (قوله وانه لا يحل القتال) الهاء في أنه ضمير الشأن ووقع في رواية الكشميهني لم يحل بلفظ لم بدل لا وهى أشبه لقوله قبلي (قوله لا يعضد شوكه) تقدم البحث فيه في حديث أبي شريح (قوله ولا يلتقط لقطته الا من عرفها) سيأتي البحث فيه في كتاب اللقطة إن شاء الله تعالى (قوله ولا يختلى خلاها) بالخاء المعجمة والخلا مقصور وذكر ابن التين أنه وقع في رواية العابسي بالمد وهو الرطب من النبات واختلاؤه قطعه واحتشاشه واستدل به على تحريم رعيه لكونه أشد من الاحتشاش وبه قال مالك والكوفيون واختاره الطبري وقال الشافعي لا بأس بالرعي لمصلحة البهائم وهو عمل الناس بخلاف الاحتشاش فإنه المنهى عنه فلا يتعدى ذلك إلى غيره وفى تخصيص التحريم بالرطب إشارة إلى جواز رعى اليابس واختلائه وهو أصح الوجهين للشافعية لان النبت اليابس كالصيد الميت قال ابن قدامة لكن في استثناء الإذخر إشارة إلى تحريم اليابس من الحشيش ويدل عليه ان في بعض طرق حديث أبي هريرة ولا يحتش حشيشها قال وأجمعوا على إباحة أخذ ما استنبته الناس في الحرم من بقل وزرع ومشموم فلا بأس برعيه واختلائه (قوله فقال العباس) أي ابن عبد المطلب كما وقع مبينا في المغازي من وجه آخر (قوله الا الإذخر) يجوز فيه الرفع والنصب أما الرفع فعلى البدل مما قبله وأما النصب فلكونه استثناء واقعا بعد النفي وقال ابن مالك المختار النصب لكون الاستثناء وقع متراخيا عن المستثنى منه فبعدت المشاكلة بالبدلية ولكون الاستثناء أيضا عرض في آخر الكلام ولم يكن مقصودا والإذخر نبت معروف عند أهل مكة طيب الريح له أصل مندفن وقضبان دقاق ينبت في السهل والحزن وبالمغرب صنف منه فيما قاله ابن البيطار قال والذي بمكة أجوده وأهل مكة يسقفون به البيوت بين الخشب ويسدون به الخلل بين اللبنات في القبور ويستعملونه بدلا من الحلفاء في الوقود ولهذا قال العباس فإنه لقينهم وهو بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها نون أي الحداد وقال الطبري القين عند العرب كل ذي صناعة يعالجها بنفسه ووقع في رواية المغازي فإنه لا بد منه للقين والبيوت وفى الرواية التي في الباب قبله فإنه لصاغتنا وقبورنا ووقع في مرسل مجاهد عند عمر بن شبة الجمع بين الثلاثة ووقع عنده أيضا فقال العباس يا رسول الله ان أهل مكة لا صبر لهم عن الإذخر لقينهم وبيوتهم وهذا يدل على أن الاستثناء في حديث الباب لم يرد به أن يستثنى هو وانما أراد به أن يلقن النبي صلى الله عليه وسلم الاستثناء وقوله صلى الله عليه وسلم في جوابه الا الإذخر هو استثناء بعض من كل لدخول الإذخر في عموم ما يختلى واستدل به على جواز النسخ قبل الفعل وليس بواضح وعلى جواز الفصل بين المستثنى والمستثنى منه ومذهب الجمهور اشتراط الاتصال
(٤٢)