يوسف بن موسى والدارقطني من طريق علي بن مسلم وغيره والطبراني من طريق أبى بكر وعثمان ابني أبى شيبة والعباس بن عبد العظيم وابن حبان من طريق أبى خيثمة كلهم عن جعفر بن عون به فكأن محمد بن بشار لم يذكر هذه الجملة لما حدث به البخاري وبلغ البخاري ذلك من غيره فاستعمل هذه الزيادة في الترجمة مشيرا إلى صحتها وان لم تقع في روايته وقد اعاده البخاري في كتاب الأدب عن محمد بن بشار بهذا الاسناد ولم يذكرها أيضا وأغنى بذلك عن قول بعض الشراح كابن المنير ان القسم في هذا السياق مقدر قبل لفظ ما أنا بآكل كما قدر في قوله تعالى وان منكم الا واردها وترجم المصنف في الأدب باب صنع الطعام والتكلف للضيف وأشار بذلك إلى حديث يروى عن سلمان في النهى عن التكلف للضيف أخرجه أحمد وغيره بسند لين والجمع بينهما انه يقرب لضيفه ما عنده ولا يتكلف ما ليس عنده فإن لم يكن عنده شئ فيسوغ حينئذ التكلف بالطبخ ونحوه (قوله فلما كان الليل) أي في أوله وفى رواية ابن خزيمة وغيره ثم بات عنده (قوله يقوم فقال نم) في رواية الترمذي وغيره فقال له سلمان نم زاد ابن سعد من وجه آخر مرسل فقال له أبو الدرداء أتمنعني ان أصوم لربى وأصلي لربى (قوله فلما كان في آخر الليل) أي عند السحر وكذا هو في رواية ابن خزيمة وعند الترمذي فلما كان عند الصبح وللدارقطني فلما كان في وجه الصبح (قوله فصليا) في رواية الطبراني فقاما فتوضأ ثم ركعا ثم خرجا إلى الصلاة (قوله ولأهلك عليك حقا) زاد الترمذي وابن حزيمة ولضيفك عليك حقا زاد الدارقطني فصم وأفطر وصل ونم وائت أهلك (قوله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية الترمذي فأتيا بالتثنية وفى رواية الدارقطني ثم خرجا إلى الصلاة فدنا أبو الدرداء ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالذي قال له سلمان فقال له يا أبا الدرداء ان لجسدك عليك حقا مثل ما قال سلمان ففي هذه الرواية ان النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليهما بأنه علم بطريق الوحي ما دار بينهما وليس ذلك في رواية محمد بن بشار فيحتمل الجمع بين الامرين انه كاشفهما بذلك أولا ثم أطلعه أبو الدرداء على صورة الحال فقال له صدق سلمان وروى هذا الحديث الطبراني من وجه آخر عن محمد بن سيرين مرسلا فعين الليلة التي بات سلمان فيها عند أبي الدرداء ولفظه قال كان أبو الدرداء يحيى ليلة الجمعة ويصوم يومها فاتاه سلمان فذكر القصة مختصرة وزاد في آخرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم عويمر سلمان أفقه منك انتهى وعويمر اسم أبى الدرداء وفى رواية أبى نعيم المذكورة آنفا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أوتى سلمان من العلم وفى رواية ابن سعد المذكورة لقد أشبع سلمان علما وفى هذا الحديث من الفوائد مشروعية المؤاخاة في الله وزيارة الاخوان والمبيت عندهم وجواز مخاطبة الأجنبية وللحاجة والسؤال عما يترتب عليه المصلحة وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل وفيه النصح للمسلم وتنبيه من أغفل وفيه فضل قيام آخر الليل وفيه مشروعية تزين المرأة لزوجها وثبوت حق المرأة على الزوج في حسن العشرة وقد يؤخذ منه ثبوت حقها في الوطء لقوله ولأهلك عليك حقا ثم قال وائت أهلك وقرره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وفيه جواز النهى عن المستحبات إذا خشى ان ذلك يفضى إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور وان الوعيد الوارد على من نهى مصليا عن الصلاة مخصوص بمن نهاه ظلما وعدوانا وفيه كراهية الحمل على النفس في العبادة وسيأتى مزيد بيان لذلك في
(١٨٤)