قول بعض الشافعية وضعف بالرواية الأخرى التي فيها عيالك وبالرواية المصرحة بالاذن له في الاكل من ذلك وقيل لما كان عاجزا عن نفقة أهله جاز له أن يصرف الكفارة لهم وهذا هو ظاهر الحديث وهو الذي حمل أصحاب الأقوال الماضية على ما قالوه لان المرء لا يأكل من كفارة نفسه قال الشيخ تقى الدين وأقوى من ذلك أن يجعل الاعطاء لا على جهة الكفارة بل على جهة التصدق عليه وعلى أهله بتلك الصدقة لما ظهر من حاجتهم وأما الكفارة فلم تسقط بذلك ولكن ليس استقرارها في ذمته مأخوذا من هذا الحديث وأما ما اعتلوا به من تأخير البيان فلا دلالة فيه لان العلم بالوجوب قد تقدم ولم يرد في الحديث ما يدل على الاسقاط لأنه لما أخبره بعجزه ثم أمره باخراج العرق دل على أن لا سقوط عن العاجز ولعله أخر البيان إلى وقت الحاجة وهو القدرة اه وقد ورد ما يدل على اسقاط الكفارة أو على اجزائها عنه بانفاقه إياها على عياله وهو قوله في حديث على وكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك ولكنه حديث ضعيف لا يحتج بما انفرد به والحق انه لما قال له صلى الله عليه وسلم خذ هذا فتصدق به لم يقبضه بل اعتذر بأنه أحوج إليه من غيره فاذن له حينئذ في أكله فلو كان قبضه لملكه ملكا مشروطا بصفة وهو اخراجه عنه في كفارته فيبنى على الخلاف المشهور في التمليك المقيد بشرط لكنه لما لم يقبضه لم يملكه فلما أذن له صلى الله عليه وسلم في اطعامه لأهله وأكله منه كان تمليكا مطلقا بالنسبة إليه والى أهله وأخذهم إياه بصفة الفقر المشروحة وقد تقدم انه كان من مال الصدقة وتصرف النبي صلى الله عليه وسلم فيه تصرف الامام في اخراج مال الصدقة واحتمل انه كان تمليكا بالشرط الأول ومن ثم نشا الاشكال والأول أظهر فلا يكون فيه اسقاط ولا أكل المرء من كفارة نفسه ولا انفاقه على من تلزمه نفقتهم من كفارة نفسه وأما ترجمة البخاري الباب الذي يليه باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج فليس فيه تصريح بما تضمنه حكم الترجمة وانما أشار إلى الاحتمالين المذكورين باتيانه بصيغة الاستفهام والله أعلم واستدل به على جواز اعطاء الصدقة جميعها في صنف واحد وفيه نظر لأنه لم يتعين ان ذلك القدر هو جميع ما يجب على ذلك الرجل الذي أحضر التمر وعلى سقوط قضاء اليوم الذي أفسده المجامع اكتفاء بالكفارة إذ لم يقع التصريح في الصحيحين بقضائه وهو محكى في مذهب الشافعي وعن الأوزاعي يقضى ان كفر بغير الصوم وهو وجه للشافعية أيضا قال ابن العربي اسقاط القضاء لا يشبه منصب الشافعي إذ لا كلام في القضاء لكونه أفسد العبادة وأما الكفارة فإنما هي لما اقترف من الاثم قال وأما كلام الأوزاعي فليس بشئ (قلت) وقد ورد الامر بالقضاء في هذا الحديث في رواية أبى أويس وعبد الجبار وهشام بن سعد كلهم عن الزهري وأخرجه البيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الليث عن الزهري وحديث إبراهيم بن سعد في الصحيح عن الزهري نفسه بغير هذه الزيادة وحديث الليث عن الزهري في الصحيحين بدونها ووقعت الزيادة أيضا في مرسل سعيد بن المسيب ونافع بن جبير والحسن ومحمد بن كعب وبمجموع هذه الطرق تعرف ان لهذه الزيادة أصلا ويؤخذ من قوله صم يوما عدم اشتراط الفورية للتنكير في قوله يوما وفى الحديث من الفوائد غير ما تقدم السؤال عن حكم ما يفعله المرء مخالفا للشرع والتحدث بذلك لمصلحة معرفة الحكم واستعمال الكناية فيما يستقبح ظهوره بصريح لفظه لقوله واقعت أو أصبت على أنه قد ورد في بعض طرقه كما
(١٥٠)