بالاطعام وفى غيرها يكون بالعتق أو الصوم ونقلوه عن محققي المتأخرين ومنهم من قال الافطار بالجماع يكفر بالخصال الثلاث وبغيره لا يكفر الا بالاطعام وهو قول أبى مصعب وقال ابن جرير الطبري هو مخير بين العتق والصوم ولا يطعم الا عند العجز عنهما وفى الحديث انه لا مدخل لغير هذه الخصال الثلاث في الكفارة وجاء عن بعض المتقدمين اهداء البدنة عند تعذر الرقبة وربما أيده بعضهم بالحاق افساد الصيام بافساد الحج وورد ذكر البدنة في مرسل سعيد بن المسيب عند مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني عنه وهو مع ارساله قد رده سعيد بن المسيب وكذب من نقله عنه كما روى سعيد بن منصور عن ابن علية عن خالد الحذاء عن القاسم بن عاصم قلت لسعيد بن المسيب ما حديث حدثناه عطاء الخراساني عنك في الذي وقع على امرأته في رمضان انه يعتق رقبة أو يهدى بدنة فقال كذب فذكر الحديث وهكذا رواه الليث عن عمرو بن الحرث عن أيوب عن القاسم بن عاصم وتابعه همام عن قتادة عن سعيد وذكر ابن عبد البر أن عطاء لم ينفرد بذلك فقد ورد عن طريق مجاهد عن أبي هريرة موصولا ثم ساقه باسناده لكنه من رواية ليث بن أبي سليم عن مجاهد وليث ضعيف وقد اضطرب في روايته سندا ومتنا فلا حجة فيه وفى الحديث أيضا ان الكفارة بالخصال الثلاث على الترتيب المذكور قال ابن العربي لان النبي صلى الله عليه وسلم نقله من أمر بعد عدمه لأمر آخر وليس هذا شأن التخيير ونازع عياض في ظهور دلالة الترتيب في السؤال عن ذلك فقال إن مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخيير وقرره ابن المنير في الحاشية بأن شخصا لو حنث فاستفتى فقال له المفتى أعتق رقبة فقال لا أجد فقال صم ثلاثة أيام إلى آخره لم يكن مخالفا لحقيقة التخيير بل يحمل على أن ارشاده إلى العتق لكونه أقرب لتنجيز الكفارة وقال البيضاوي ترتيب الثاني بالتاء على فقد الأول ثم الثالث بالفاء على فقد الثاني يدل على عدم التخيير مع كونها في معرض البيان وجواب السؤال فينزل منزلة الشرط للحكم وسلك الجمهور في ذلك مسلك الترجيح بان الذين رووا الترتيب عن الزهري أكثر ممن روى التخيير وتعقبه ابن التين بأن الذين رووا الترتيب ابن عيينة ومعمر والأوزاعي والذين رووا التخيير مالك وابن جريج وفليح بن سليمان وعمرو بن عثمان المخزومي وهو كما قال في الثاني دون الأول فالذين رووا الترتيب في البخاري الذي نحن في شرحه أيضا إبراهيم بن سعد والليث بن سعد وشعيب بن أبي حمزة ومنصور ورواية هذين في هذا الباب الذي نشرحه وفى الذي يليه فكيف غفل ابن التين عن ذلك وهو ينظر فيه بل روى الترتيب عن الزهري كذلك تمام ثلاثين نفسا أو أزيد ورجح الترتيب أيضا بان راويه حكى لفظ القصة على وجهها فمعه زيادة علم من صورة الواقعة وراوي التخيير حكى لفظ راوي الحديث فدل على أنه من تصرف بعض الرواة اما لقصد الاختصار أو لغير ذلك ويترجح الترتيب أيضا بأنه أحوط لان الاخذ به مجزئ سواء قلنا بالتخيير أو لا بخلاف العكس وجمع بعضهم بين الروايتين كالمهلب والقرطبي بالحمل على التعدد وهو بعيد لان القصة واحدة والمخرج متحد والأصل عدم التعدد وبعضهم حمل الترتيب على الأولوية والتخيير على الجواز وعكسه بعضهم فقال أو في الرواية الأخرى ليست للتخيير وانما هي للتفسير والتقدير أمر رجلا أن يعتق رقبة أو يصوم ان عجز عن العتق أو يطعم ان عجز عنهما وذكر الطحاوي أن سبب اتيان بعض الرواة بالتخيير أن الزهري راوي الحديث قال في آخر حديثه فصارت الكفارة إلى عتق
(١٤٥)