أبيه مرفوعا والمحفوظ عن أبي سلمة عن أبيه موقوفا كذلك أخرجه النسائي وابن المنذر مع وقفه فهو منقطع لان أبا سلمة لم يسمع من أبيه وعلى تقدير صحته فهو محمول على ما تقدم أولا حيث يكون الفطر أولى من الصوم والله أعلم وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم ليس من البر الصيام في السفر فسلك المجيزون فيه طرقا فقال بعضهم قد خرج على سبب فيقصر عليه وعلى من كان في مثل حاله والى هذا جنح البخاري في ترجمته ولذا قال الطبري بعد أن ساق نحو حديث الباب من رواية كعب بن عاصم الأشعري ولفظه سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في حر شديد فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة وهو مضطجع كضجعة الوجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لصاحبكم أي وجع به فقالوا ليس به وجع ولكنه صائم وقد اشتد عليه الحر فقال النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ ليس البر أن تصوموا في السفر عليكم برخصة الله التي رخص لكم فكان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن كان في مثل ذلك الحال وقال ابن دقيق العيد أخذ من هذه القصة ان كراهة الصوم في السفر مختصة بمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه أو يؤدى به إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القرب فينزل قوله ليس من البر الصوم في السفر على مثل هذه الحالة قال والمانعون في السفر يقولون إن اللفظ عام والعبرة بعمومه لا بخصوص السبب قال وينبغي أن يتنبه للفرق بين دلالة السبب والسياق والقرائن على تخصيص العام وعلى مراد المتكلم وبين مجرد ورود العام على سبب فان بين العامين فرقا واضحا ومن أجراهما مجرى واحد لم يصب فان مجرد ورود العام على سبب لا يقتضى التخصيص به كنزول آية السرقة في قصة سرقة رداء صفوان وأما السياق والقرائن الدالة على مراد المتكلم فهي المرشدة لبيان المجملات وتعيين المحتملات كما في حديث الباب وقال ابن المنير في الحاشية هذه القصة تشعر بأن من اتفق له مثل ما اتفق لذلك الرجل انه يساويه في الحكم وأما من سلم من ذلك ونحوه فهو في جواز الصوم على أصله والله أعلم وحمل الشافعي نفى البر المذكور في الحديث على من أبى قبول الرخصة فقال معنى قوله ليس من البر أن يبلغ رجل هذا بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة وقد أرخص الله تعالى له أن يفطر وهو صحيح قال ويحتمل أن يكون معنان ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم وجزم ابن خزيمة وغيره بالمعنى الأول وقال الطحاوي المراد بالبر هنا البر الكامل الذي هو أعلى مراتب البر وليس المراد به اخراج الصوم في السفر عن أن يكون برا لان الافطار قد يكون أبر من الصوم إذا كان للتقوى على لقاء العدو مثلا قال وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف الحديث فإنه لم يرد اخراجه من أسباب المسكنة كلها وانما أراد أن المسكين الكامل المسكنة الذي لا يجد غنى يغنيه ويستحى أن يسأل ولا يفطن له (قوله حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري) عند مسلم من طريق غندر عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن يعنى بن سعد ولابى داود عن أبي الوليد عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن يعنى ابن سعد بن زرارة (قوله سمعت محمد بن عمرو الخ) أدخل محمد بن عبد الرحمن بن سعد بينه وبين جابر محمد بن عمرو بن الحسن في رواية شعبة عنه واختلف في حديثه على يحيى بن أبي كثير فأخرجه النسائي من طريق شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن حدثني جابر بن عبد الله فذكره قال النسائي هذا خطأ ثم ساقه من طريق الفريابي عن
(١٦١)