بعد أن أخرجه من حديث ابن عمر وابن مسعود وعائشة وجابر وعمرو بن معد يكرب أجمع المسلمون جميعا على هذه التلبية غير أن قوما قالوا لا بأس أن يزيد فيها من الذكر لله ما أحب وهو قول محمد والثوري والأوزاعي واحتجوا بحديث أبي هريرة يعني الذي أخرجه النسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم قال كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك إله الحق لبيك وبزيادة ابن عمر المذكورة وخالفهم آخرون فقالوا لا ينبغي أن يزاد على ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس كما في حديث عمرو بن معد يكرب ثم فعله هو ولم يقل لبوا بما شئتم مما هو من جنس هذا بل علمهم كما علمهم التكبير في الصلاة فكذا لا ينبغي أن يتعدى في ذلك شيئا مما علمه ثم أخرج حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمع رجلا يقول لبيك ذا المعارج فقال أنه لذو المعارج وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فهذا سعد قد كره الزيادة في التلبية وبه نأخذ انتهى ويدل على الجواز ما وقع عند النسائي من طريق عبد الرحمن ابن يزيد عن ابن مسعود قال كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ففيه دلالة على أنه قد كان يلبي بغير ذلك وما تقدم عن عمر وابن عمر وروى سعيد بن منصور من طريق الأسود بن يزيد أنه كان يقول لبيك غفار الذنوب وفي حديث جابر الطويل في صفة الحج حتى استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك الخ قال وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد عليهم شيئا منه ولزم تلبيته وأخرجه أبو داود من الوجه الذي أخرجه منه مسلم قال والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا وفي رواية البيهقي ذا المعارج وذا الفواضل وهذا يدل على أن الاقتصار عل التلبية المرفوعة أفضل لمداومته هو صلى الله عليه وسلم عليها وأنه لا بأس بالزيادة لكونه لم يردها عليهم وأقرهم عليها وهو قول الجمهور وبه صرح أشهب وحكى ابن عبد البر عن مالك الكراهة قال وهو أحد قولي الشافعي وقال الشيخ أبو حامد حكى أهل العراق عن الشافعي يعني في القديم أنه كره الزيادة على المرفوع وغلطوا بل لا يكره ولا يستحب وحكى الترمذي عن الشافعي قال فإن زاد في التلبية شيئا من تعظيم الله فلا بأس وأحب إلي أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن ابن عمر حفظ التلبية عنه ثم زاد من قبله زيادة ونصب البيهقي الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي فقال الاقتصار على المرفوع أحب ولا ضيق أن يزيد عليها قال وقال أبو حنيفة أن زاد فحسن وحكى في المعرفة عن الشافعي قال ولا ضيق على أحد في قول ما جاء عن ابن عمر وغيره من تعظيم الله ودعائه غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك انتهى وهذا أعدل الوجوه فيفرد ما جاء مرفوعا وإذا أختار قول ما جاء موقوفا أو أنشأه هو من قبل نفسه مما يليق قاله على انفراده حتى لا يختلط بالمرفوع وهو شبيه بحال الدعاء في التشهد فإنه قال فيه ثم ليتخير من المسئلة والثناء ما شاء أي بعد أن يفرغ من المرفوع كما تقدم ذلك في موضعه * (تكميل) * لم يتعرض المصنف لحكم التلبية وفيها مذاهب أربعة يمكن توصيلها إلى عشرة * الأول أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شئ وهو قول الشافعي وأحمد * ثانيها واجبة ويجب بتركها دم حكاه الماوردي عن أبن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصا يدل عليه وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة وأغرب النووي فحكى عن مالك أنها سنة ويجب
(٣٢٦)