دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج انتهى وهذا أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم بأسانيدهم في تفاسيرهم عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة وغير واحد والأسانيد إليهم قوية وأقوى ما فيه عن ابن عباس ما أخرجه أحمد بن منيع في مسنده وابن أبي حاتم من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عنه قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له أذن في الناس بالحج قال رب وما يبلغ صوتي قال أذن وعلي البلاغ قال فنادى إبراهيم يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه من بين السماء والأرض أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون ومن طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وفيه فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء وأول من أجابه أهل اليمن فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ قال ابن المنير في الحاشية وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى (قوله إن الحمد) روى بكسر الهمزة على الاستئناف وبفتحها على التعليل والكسر أجود عند الجمهور وقال ثعلب لأن من كسر جعل معناه إن الحمد لك على كل حال ومن فتح قال معناه لبيك لهذا السبب وقال الخطابي لهج العامة بالفتح وحكاه الزمخشري عن الشافعي وقال ابن عبد البر المعنى عندي واحد لأن من فتح أراد لبيك لأن الحمد لك على كل حال وتعقب بأن التقييد ليس في الحمد وإنما هو في التلبية قال ابن دقيق العيد الكسر أجود لأنه يقتضي أن تكون الإجابة مطلقة غير معللة وأن الحمد والنعمة لله على كل حال والفتح يدل على التعليل فكأنه يقول أجبتك لهذا السبب والأول أعم فهو أكثر فائدة ولما حكى الرافعي الوجهين من غير ترجيح رجح النووي الكسر وهذا خلاف ما نقله الزمخشري أن الشافعي أختار الفتح وأن أبا حنيفة أختار الكسر (قوله والنعمة لك) المشهور فيه النصب قال عياض ويجوز الرفع على الابتداء ويكون الخبر محذوفا والتقدير أن الحمد لك والنعمة مستقرة لك قاله ابن الأنباري وقال ابن المنير في الحاشية قرن الحمد والنعمة وأفرد الملك لأن الحمد متعلق النعمة ولهذا يقال الحمد لله على نعمه فجمع بينهما كأنه قال لا حمد إلا لك لأنه لا نعمة إلا لك وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك (قوله والمالك) بالنصب أيضا على المشهور ويجوز الرفع وتقديره والملك كذلك ووقع عند مسلم من رواية موسى بن عقبة عن نافع وغيره عن ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوت به راحلته عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال لبيك الحديث وللمصنف في اللباس من طريق الزهري عن سالم عن أبيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا يقول لبيك اللهم لبيك الحديث وقال في آخره لا يزيد على هذه الكلمات زاد مسلم من هذا الوجه قال ابن عمر كان عمر يهل بهذا ويزيد لبيك اللهم لبيك وسعديك والخير في يديك والرغباء إليك والعمل وهذا القدر في رواية مالك أيضا عنده عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزيد فيها فذكر نحوه فعرف أن ابن عمر اقتدي في ذلك بأبيه وأخرج ابن أبي شيبة من طريق المسور بن مخرمة قال كانت تلبية عمر فذكر مثل المرفوع وزاد لبيك مرغوبا ومرهوبا إليك ذا النعماء والفضل الحسن واستدل به على استحباب الزيادة على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قال الطحاوي
(٣٢٥)