به وأما الملبوس الجائز فغير منحصر فقال لا يلبس كذا أي ويلبس ما سواه انتهى وقال البيضاوي سئل عما يلبس فأجاب بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما يجوز وإنما عدل عن الجواب لأنه أخصر وأحصر وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس لأنه الحكم العارض في الإحرام المحتاج لبيانه إذ الجواز ثابت بالأصل معلوم بالاستصحاب فكان الأليق السؤال عما لا يلبس وقال غيره هذا يشبه أسلوب الحكيم ويقرب منه قوله تعالى يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين الآية فعدل عن جنس المنفق وهو المسؤول عنه إلى ذكر المنفق عليه لأنه أهم وقال ابن دقيق العيد يستفاد منه أن المعتبر في الجواب ما يحصل منه المقصود كيف كان ولو بتغيير أو زيادة ولا تشترط المطابقة انتهى وهذا كله بناء على سياق هذه الرواية وهي المشهورة عن نافع وقد رواه أبو عوانة من طريق بن جريج عن نافع بلفظ ما يترك المحرم وهي شاذة والاختلاف فيها علي ابن جريج لا على نافع ورواه سالم عن ابن عمر بلفظ أن رجلا قال ما يجتنب المحرم من الثياب أخرجه أحمد وابن خزيمة وأبو عوانة في صحيحيهما من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عنه وأخرجه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري فقال مرة ما يترك ومرة ما يلبس وأخرجه المصنف في أواخر الحج من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري بلفظ نافع فالاختلاف فيه على الزهري يشعر بأن بعضهم رواه بالمعنى فاستقامت رواية نافع لعدم الاختلاف فيها واتجه البحث المتقدم وطعن بعضهم في قول من قال من الشراح أن هذا من أسلوب الحكيم بأنه كان يمكن الجواب بما يحصر أنواع ما لا يلبس كأن يقال ما ليس بمخيط ولا على قدر البدن كالقميص أو بعضه كالسراويل أو الخف ولا يستر الرأس أصلا ولا يلبس ما مسه طيب كالورس والزعفران ولعل المراد من الجواب المذكور ذكر المهم وهو ما يحرم لبسه ويوجب الفدية (قوله المحرم) أجمعوا على أن المراد به هنا الرجل ولا يلتحق به المرأة في ذلك قال ابن المنذر أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ما ذكر وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس ويؤيده قوله في آخر حديث الليث الآتي في آخر الحج لا تنتقب المرأة كما سيأتي البحث فيه وقوله لا تلبس بالرفع على الخبر وهو في معنى النهي وروى بالجزم على أنه نهي قال عياض أجمع المسلمون على أن ما ذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم وأنه نبه بالقميص والسراويل على كل مخيط وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطي الرأس به مخيطا أو غيره وبالخفاف على كل ما يستر الرجل انتهى وخص ابن دقيق العيد الإجماع الثاني بأهل القياس وهو واضح والمراد بتحريم المخيط ما يلبس على الموضع الذي جعل له ولو في بعض البدن فأما لو ارتدى بالقميص مثلا فلا بأس وقال الخطابي ذكر العمامة والبرنس معا ليدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر قال ومن النادر المكتل يحمله على رأسه (قلت) إن أراد أنه يجعله على رأسه كلابس القبع صح ما قال وإلا فمجرد وضعه على رأسه على هيئة الحامل لحاجته لا يضر على مذهبه ومما لا يضر أيضا الانغماس في الماء فإنه لا يسمى لابسا وكذا ستر الرأس باليد (قوله إلا أحد) قال ابن المنير في الحاشية يستفاد منه جواز استعمال أحد في الاثبات خلافا لمن خصه بضرورة الشعر قال والذي يظهر لي بالاستقراء أنه لا يستعمل
(٣١٩)