ما فيه وقال النووي في موضع آخر المختار أنها لا تقتضي تكرارا ولا استمرارا وكذا قال الفخر في المحصول وجزم ابن الحاجب بأنها تقتضيه قال ولهذا استفدنا من قولهم كان حاتم يقري الضيف إن ذلك كان يتكرر منه وقال جماعة من المحققين أنها تقتضي التكرار ظهورا وقد أنكر قرينة أخذت على عدمه لكن يستفاد من سياقه لذلك المبالغة في اثبات ذلك والمعنى أنها كانت تكرر فعل التطيب لو تكرر منه فعل الإحرام لما اطلعت عليه من استحبابه لذلك على أن هذه اللفظة لم تتفق الرواة عنها عليها فسيأتي للبخاري من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم شيخ مالك فيه هنا بلفظ طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الطرق ليس فيها صيغة كان والله أعلم واستدل به على استحباب التطيب عند إرادة الإحرام وجواز استدامته بعد الإحرام وأنه لا يضر بقاء لونه ورائحته وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو قول الجمهور وعن مالك يحرم ولكن لا فديه وفي رواية عنه تجب وقال محمد بن الحسن يكره أن يتطيب قبل الإحرام بما يبقي عينه بعده واحتج المالكية بأمور منها أنه صلى الله عليه وسلم اغتسل بعد أن تطيب لقوله في رواية ابن المنتشر المتقدمة في الغسل ثم طاف بنسائه ثم مطرف محرما فإن المراد بالطواف الجماع وكان من عادته أن يغتسل عند كل واحدة ومن ضرورة ذلك أن لا يبقى للطيب أثر ويرده قوله في الرواية الماضية أيضا ثم أصبح محرما ينضح طيبا فهو ظاهر في أن نضح الطيب وهو ظهور رائحته كان في حال إحرامه ودعوى بعضهم أن فيه تقديما وتأخيرا والتقدير طاف على نسائه ينضح طيبا ثم أصبح محرما خلاف الظاهر ويرده قوله في رواية الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عند مسلم كان إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ثم أراه في رأسه ولحيته بعد ذلك وللنسائي وابن حبان رأيت الطيب في مفرقه بعد ثلاث وهو محرم وقال بعضهم إن الوبيص كان بقايا الدهن المطيب الذي تطيب به فزال وبقي أثره من غير رائحة ويرده قول عائشة ينضح طيبا وقال بعضهم بقي أثره لا عينه قال ابن العربي ليس في شئ من طرق حديث عائشة أن عينه بقيت انتهى وقد روى أبو داود وابن أبي شيبة من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت كنا نضمخ وجوهنا بالمسك المطيب قبل أن نحرم ثم نحرم فنعرق فيسيل على وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا فهذا صريح في بقاء عين الطيب ولا يقال إن ذلك خاص بالنساء لأنهم أجمعوا على أن الرجال والنساء سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين وقال بعضهم كان ذلك طيبا لا رائحة له تمسكا برواية الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة بطيب لا يشبه طيبكم قال بعض رواته يعني لا بقاء له أخرجه النسائي ويرد هذا التأويل ما في الذي قبله ولمسلم من رواية منصور بن زاذان عن عبد الرحمن بن القاسم بطيب فيه مسك وله من طريق الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم كأني انظر إلى وبيص المسك وللشيخين من طريق عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه بأطيب ما أجد وللطحاوي والدارقطني من طريق نافع عن ابن عمر عن عائشة بالغالية الجيدة وهذا يدل على أن قولها بطيب لا يشبه طيبكم أي أطيب منه لا كما فهمه القائل يعني ليس له بقاء وادعى بعضهم أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم قاله المهلب وأبو الحسن القصار وأبو الفرج من المالكية قال بعضهم لأن الطيب من دواعي النكاح فنهى الناس عنه وكان هو أملك الناس لأربه ففعله ورجحه ابن العربي بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح وقد ثبت
(٣١٦)