صرف الزكاة إلى صنف واحد من الثمانية وتعقب ابن دقيق العيد جميع ذلك بأن القصة واقعة عين محتملة لما ذكر ولغيره فلا ينهض الاستدلال بها على شئ مما ذكر قال ويحتمل أن يكون تحبيس خالد ارصادا وعدم تصرف ولا يبعد أن يطلق على ذلك التحبيس فلا يتعين الاستدلال بذلك لما ذكر وفي الحديث بعث الإمام العمال لجباية الزكاة وتنبيه الغافل على ما أنعم الله به من نعمة الغنا بعد الفقر ليقوم بحق الله عليه والعيب على من منع الواجب وجواز ذكره في غيبته بذلك وتحمل الإمام عن بعض رعيته ما يجب عليه والاعتذار عن بعض الرعية بما يسوغ الإعتذار به والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب (قوله باب الاستعفاف عن المسئلة) أي في شئ من غير المصالح الدينية وذكر في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث أبي سعيد (قوله أن ناسا من الأنصار) لم يتعين لي أسماؤهم إلا أن النسائي روى من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه ما يدل على أن أبا سعيد راوي هذا الحديث خوطب بشئ من ذلك ولفظه ففي حديثه سرحتني أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني لأسأله من حاجة شديدة فأتيته وقعدت فاستقبلني فقال من استغنى أغناه الله الحديث وزاد فيه ومن سأل وله أوقية فقد ألحف فقلت ناقتي خير من أوقية فرجعت ولم أسأله وعند الطبراني من حديث حكيم بن حزام أنه ممن خوطب ببعض ذلك ولكنه ليس أنصاريا إلا بالمعنى الأعم (قوله حتى نفد) بكسر الفاء أي فرغ (قوله فلن أدخره عنكم) أي أحبسه وأخبؤه وأمنعكم إياه منفردا به عنكم وفيه ما كان عليه من السخاء وإنفاذ أمر الله وفيه إعطاء السائل مرتين والاعتذار إلى السائل والحض على التعفف وفيه جواز السؤال للحاجة وإن كان الأولى تركه والصبر حتى يأتيه رزقه بغير مسئلة وقوله ومن يستعفف في رواية الكشميهني يستعفف * ثانيها حديث أبي هريرة والزبير بن العوام بمعناه وفي رواية الزبير زيادة فيبيعها فيكف الله بها وجهه وذلك مراد في حديث أبي هريرة وحذف لدلالة السياق عليه وفي رواية أبي هريرة يأتي رجلا وفي حديث الزبير يسأل الناس والمعنى واحد وزاد في أول حديث أبي هريرة قوله والذي نفسي بيده ففيه القسم على الشئ المقطوع بصدقة لتأكيده في نفس السامع وفيه الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولو أمتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك ولولا قبح المسئلة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل وأما قوله خير له فليست بمعنى أفعل التفضيل إذ لاخير في السؤال مع القدرة على الإكتساب والأصح عند الشافعية أن سؤال من هذا حاله حرام ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرا وهو في الحقيقة شر والله أعلم * ثالثها حديث حكيم بن حزام (قوله أن هذا المال خضرة) أنت الخبر لأن المراد الدنيا (قوله خضرة حلوة) شبهه بالرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده بالنسبة إلى اليابس والحلو مرغوب فيه على انفراده بالنسبة للحامض فالاعجاب بهما إذا اجتمعا أشد (قوله بسخاوة نفس)
(٢٦٥)