مظلوما أو عاجزا (قوله فليعمل بالمعروف) في رواية المصنف في الأدب من وجه آخر عن شعبة فليأمر بالخير أو بالمعروف زاد أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة وينهى عن المنكر (قوله وليمسك) في روايته في الأدب قالوا فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر وكذا لمسلم من طريق أبي أسامة عن شعبة وهو أصح سياقا فظاهر سياق الباب أن الأمر بالمعروف والإمساك عن الشر رتبة واحدة وليس كذلك بل الإمساك هو الرتبة الأخيرة (قوله فإنها) كذا وقع هنا بضمير المؤنث وهو باعتبار الخصلة من الخير وهو الإمساك ووقع في رواية الأدب فإنه أي الإمساك له أي للمسك قال الزين بن المنير إنما يحصل ذلك للممسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة بخلاف محض الترك والإمساك أعم من أن يكون عن غيره فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه فإن كان شره لا يتعدى نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم قال وليس ما تضمنه الخبر من قوله فإن لم يجد ترتيبا وإنما هو للإيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة فإنه يمكنه خصلة أخرى فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق وأن يغيث الملهوف وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويمسك عن الشر فليفعل الجميع ومقصود هذا الباب أن أعمال الخير تنزل منزلة الصدقات في الأجر ولا سيما في حق من لا يقدر عليها ويفهم منه أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة ومحصل ما ذكر في حديث الباب أنه لا بد من الشفقة على خلق الله وهي إما بالمال أو غيره والمال إما حاصل أو مكتسب وغير المال إما فعل وهو الإغاثة وإما ترك وهو الإمساك انتهى وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به ترتيب هذا الحديث أنه ندب إلى الصدقة وعند العجز عنها ندب إلى ما يقرب منها أو يقوم مقامها وهو العمل والانتفاع وعند العجز عن ذلك ندب إلى ما يقوم مقامه وهو الإغاثة وعند عدم ذلك ندب إلى فعل المعروف أي من سوى ما تقدم كإماطة الأذى وعند عدم ذلك ندب إلى الصلاة فإن لم يطق فترك الشر وذلك آخر المراتب قال ومعنى الشر هنا ما منعه الشرع ففيه تسلية للعاجز عن فعل المندوبات إذا كان عجزه عن ذلك عن غير اختيار (قلت) وأشار بالصلاة إلى ما وقع في آخر حديث أبي ذر عند مسلم ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى وهو يؤيد ما قدمناه أن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض لأن الزكاة لا تكمل الصلاة ولا العكس فدل على افتراق الصدقتين واستشكل الحديث مع تقدم ذكر الأمر بالمعروف وهو من فروض الكفاية فكيف تجزئ عنه صلاة الضحى وهي من التطوعات وأجيب بحمل الأمر هنا على ما إذا حصل من غيره فسقط به الفرض وكأن في كلامه هو زيادة في تأكيد ذلك فلو تركه أجزأت عنه صلاة الضحى كذا قيل وفيه نظر والذي يظهر أن المراد أن صلاة الضحى تقوم مقام الثلثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها لا أن المراد أن صلاة الضحى تغني عن الأمر بالمعروف وما ذكر معه وإنما كان كذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة ويحتمل أن يكون ذلك لكون الركعتين يشتملان على ثلاثمائة وستين ما بين قول وفعل إذا جعلت كل حرف من القراءة مثلا صدقة وكأن صلاة الضحى خصت بالذكر لكونها أول تطوعات النهار بعد الفرض وراتبته وقد أشار في حديث أبي ذر إلى أن صدقة السلامي نهارية لقوله يصبح على كل سلامي من أحدكم وفي حديث
(٢٤٤)