الجواب: قد أطنب القول في هذه المسألة، وهي مشتملة على مسائل.
الأولى: قوله " إنسان سافر ثم ظهر عليه موت " الظهور والكشف والثبات واليقين شئ واحد، فكيف يورد بعد ذلك التشكيك، بل ينبغي أن يقال: ثم نعي إلى أهله فأقاموا عليه المأتم من غير أن يثبت بشاهدي عدل عند الحاكم أو متواتر بل بمجرد السماع، فإن مثل هذا لا يوجب الحكم بموته، ولا الإقدام على التزويج بامرأته.
الثانية: الموت يثبت بالاستفاضة قطعا، وكذا النسب والنكاح والملك المطلق وأما التواتر فليس من هذا الباب، لأنه معدود في الضروريات الستة، فهو من باب اليقين وأقوى من العدلين، لأنهما يفيدان الظن وهو يفيد اليقين.
والفرق بينهما أن التواتر هل نوى إلى الأخبار من جماعة لا يضمهم قيد الاجتماع بحيث تأمن النفس المواطاة وتطمئن على التصديق، كعلمنا بوجود مصر وبلد الصين والصعيد والاستفاضة دون ذلك، وعرفوها بأنها توالي الأخبار بحيث يتاخم العلم.
أي: يقاربه، ولا حد لذلك بل طمأنينة النفس.
الثالثة: إذا شهد شاهدان عند الحاكم لا يجب عليه أن يسألهما هل حضرتما موته أو تواتر أو استفاض، بل لو شهد الشاهدان وقالا: ثبت عندنا بالشياع رد شهادتهما وقال لهما: أنتما تشهدان بموته فادنا عن علمكما وما أفادكما، وأنا أحكم بشهادتكما أصلا، فإن أفادهما ما سمعاه من الشياع ما أفاد العلم اليقيني كالتواتر أو الظن الغالب المتاخم - أي: المقارب للعلم - جاز لهما أن يطلقا الشهادة.
الرابعة: قد بينا أن الموت يثبت بالاستفاضة، أي: بالشياع المتاخم للعلم، فإن تزوجها إنسان مجرد سماعه من الواحد أو الاثنين لم يجز، وإن تزوجها بالشياع جاز على ظاهر الحال وحكم بصحة العقد في الظاهر.
فإن ظهر بعد ذلك حياة الزوج حكم ببطلان العقد وردت إلى الأول وحرمت