وهذه أولاده منها ورثوا ماله؟ فقيل: بلى، فقال: إذا عرفهم ذلك فما يمنعني من تزويجها، فقالوا: نحن نعلم أنها زوجه الثاني في الظاهر لا حقيقة.
فقال: ومن أين علمتم ذلك وأنتم تقولون: ما نحمل أفعال المؤمن إلا على الصحة، فعله قد علم من ذلك ما لا تعلمون، لأن صاحب الغرض قد يطلع على ما لا يطلع عليه غيره، وأنا وإن كنت أعلم أن هذه المرأة كان لها زوج قد توفي ولم أعلم حقيقة موته ولا عدمها، ولا بلغ عندي حد التواتر، إلا أني أعلم أنها زوجة هذا الثاني وهذه أولاده وهم قد ورثوا ماله، ولا نحمل أفعال المؤمن إلا على الصحة، أعني الزوج الثاني والزوجة فعقد بها الثالث فما حكمه؟
ولو شهد الثالث شاهدان بأنه قد تواتر موت الأول، أو شهدا بموته مطلقا ولم يذكرا تواترا ولا غيره، فهل يجب عليه بحثهما في الشهادة أو يقبلها منهما من غير بحث عن كونهما ناقلان لها أو بالتواتر أو شهادة أصل؟
ولو كان العقد بالثالث من فقيه وعلمه في ذلك كعلم من ذكرنا أولا، فقال الفقيه:
لا بأس بهذا وعقد بها.
ولو كان الثالث قد فعل ذلك الفعل اعتمادا على صحته في الظاهر وهو غير طيب النفس منه وقد أولد تلك المرأة أولادا، فالأولى استدامة النكاح أو الفراق؟
ولو قال الفقيه للثالث: أقل ما في الباب أن يكون نكاح شبهة، فهل يجوز القدوم مع الشبهة مع العلم بكونها شبهة أو لا تكون الشبهة شبهة إلا مع ظن جواز الفعل؟
وهل مثل القول يقدح في عدالة الفقيه.
ولو ظهر من العامة على الفقيه طعن مع ما عرفت أنا من أمانته، وعلمت أن العامة يبنون أكثر أحوالهم على الظن، كما لو تمتع الفقيه فقالوا: زنا أو اشترى أمانته فقالوا: سرق.
وبأي شئ يعرف العدل؟ أفتونا رحمكم الله.