وكل ذلك أسهل عليه من يوم في جهنم بل من ساعة، كيف لا؟ وزفيرها وشهيقها يوجد من مسير خمسمائة عام، وقال صلى الله عليه وسلم: لو أن دلوا من غسلين صب في مشرق الأرض لغليت منه جماجم من هو في مغربها، وإن مات وهو في هذا الجهاد وقد بقي عليه شيئا، يحمله الله بكرمه ولطفه وأدخله الجنة برحمته.
مسألة - 9 - ما يقول مولانا الشيخ - زاد الله في نعمه وإن عظمت، وبلغه آماله وإن انفتحت - في جماعة من الناس تأمر عليهم أحد بغير رضاهم، وهو قاصد مع ذلك العدل بينهم، لا يمكنه ولا يتمكن من العدل إلا بحصول الهيبة في قلوب هؤلاء، ولم يقصد بذلك إلا الإصلاح الديني أو الدنيوي، مع غلبة ظنه أنه لو لم يتأمر عليهم لحصل الفساد العظيم الذي يؤول ضرره إليهم وإليه، ما قدر تقرر من أن القوم إذا كان لهم رئيس عادل كانوا إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، وإن كان العدل يتفاوت.
فبقي يأخذ من أموالهم وما يدفع به عنهم ما هو أشد ضررا، مع أنه يخرج من ماله أيضا، ويؤدب بالضرب والشتم والهجر، فهل فعل ذلك أولى أم تركه؟
مع غلبة ظنه بحصول الضرر عليه وعليهم.
واستدل على ذلك بقرائن، مع أن الضرر أعظم من ذلك، لأنهم ليسوا في بلد مستقر ولا في طرفه الأعراب ومن هو أظلم من الأعراب، أو يشاكلهم في الظلم وإن كانوا مؤمنين، فهم أهل ظلم وغشم، فالأولى له ترك ذلك أو فعله؟
على تقدير أولوية الترك لو كان قد فعل وندم على ذلك الفعل وطلب منهم براءة ذمته فما أمكنه، لأن منهم من مات ومنهم من لم يبلغ الحلم ومنهم من جهل حاله.
فهل تقبل توبته مع ذلك أم لا تقبل إلا بعد الخروج من جميع ما في ذمته