جميع ما ذكرناه، ويبدأ الناظر فيه بالأهم فالأهم، فالعمارة ثم الأضواء، ثم الميضاة إن كانت له، ثم الفرش، ثم أرزاق المؤذنين.
وإن كان قصد في نذره أن الملزم كالألف المذكور لجدرانه أو لأرضه كان النذر باطلا، فالحاصل إن عين المصرف نطقا أو قصد المصرف المذكور صح وإن كان عين الجدار والأرض بطل، وإن أطلق حمل على الصحة.
مسألة - 8 - يقول مولانا - جزاه الله من نعمه أهنأها بعد أن أسبغها، وعارفه بعد أن سوغها، أفضل ما جزى به مبتدئ إحسان أو محيي إنسان - في سلطانين في طرف من الأرض، كلهم ظاهر الإيمان ورعاياهم كذلك، ثم غزا أحدهم الآخر.
فلو كره بعض الرعايا ذلك. لكن خاف لو تخلف عن المسير مع ذلك الجائر ضررا على نفسه أو ماله أو أهله أو أحد من إخوانه، فسار مع علمه بأن ذلك معتد على الآخر، ولو لم يكن معتد عليه فهو معتد على رعاياه، لأنه لا يمكنهم الامتناع عن سلطانهم ولا التخلف عنه.
فأخافهم ذلك الجائر وأزالهم عن أملاكهم من قرى ونخيل، وألجأهم إلى حضر سلطانهم، فنزل قراهم هو وعسكره وخرب أملاكهم، فأهل يعذر من سار في صحبته مع خوفه؟
وهل يعذر لو اجتهد في مضار ذلك المعروف من السلطان ورعاياه لدفع مضار سلطانه؟ لأنه مع عدم المجاهدة يظن الضرر على نفسه أو ماله أو إخوانه عاجل أو آجل، فنزل مساكن بعض رعايا السلطان المعتدى عليه، وخرب نخيلا وقطع مصالح كثيرة، وهو مع هذه الأفعال كاره لها، لكن فعل ذلك للتعبد.
ثم إن ذلك الجائر ظفر بالآخر وأزاله من ملكه ونهب ماله وأموال رعاياه وقتل وسبا، فما حال من شهد ذلك الشنيع؟
لو لم يفعل شيئا من ذلك لكن أنكره بقلبه ولم يمكنه دفعه، بل إنه دفع بعض