فتارة يدعي الدافع تعيين نية أحدهما المعين عن ذي الرهن أو فاقده، فلا شك في قبول قوله، لأنه أبصر بما نوى. ولا يعلم نيته إلا من قبله، وقد حققنا في أبواب الدعاوي أن دعوى المدعي الذي لا يعلم دعواه إلا من قبله يسمع، ولا يكلف بالبينة بل يوجه إليه اليمين.
وأخرى: يدعي بأني نويت وفاء ديني فقط، من دون النظر إلى خصوص كل واحدة من الخصوصيتين، أي كون الدينار ذي الرهن أو فاقده، فها هنا وجوه واحتمالات:
الأول: التوزيع بمعنى أن الدينار يوزع على الدينارين، فيكون أداء نصف كل واحد منهما، فلو أعطى نصف دينار بقصد ذي الرهن يفتك الرهن، لأنه بإعطائه النصف بقصد ذي الرهن أدى ذي الرهن تماما.
وقد اختار هذا الوجه في جامع المقاصد (1)، ووجهه بأن عدم برء الذمة من شئ منهما محال، لأنه قبض هذا المقدار من دينه قبضا صحيحا قطعا، وتعيين أحدهما ترجيح بلا مرجح، فلا بد وأن نقول بالتوزيع.
والثاني: بقاء التخيير الذي كان له من الأول، لأنه لم يعين فله أن يصرفه الآن بعد الأداء إلى ما شاء منهما بنية جديدة.
والثالث: القرعة لتعيين أن الأداء كان لأي واحد منهما. والقول بالقرعة مضافا إلى أن جريانها موقوف في كل مورد على عمل الأصحاب بها في ذلك المورد، من المحتمل القريب أن يكون مورد جريانها فيما إذا كان له واقع غير معلوم وصار مشتبها، فلا يشمل مثل المقام الذي في عالم الثبوت مجهول أنه أداء لأي واحد من الدينارين، هل لذي الرهن أو لفاقده، وقد حققنا هذا المطلب في قاعدة القرعة (2).