وصاياه ولم يعمل بها الوصي الأول عصيانا أو لعذر شرعي، فإذا هو يملك مثل هذا الأمر فلا فرق بين أن يوصي هو بالترتيب المذكور أو يوصي إلى وصيه بالإيصاء.
والحاصل: أن في هذه الصورة لم يخالف أحد في جواز إيصاء الوصي إلى شخص آخر لتتميم تنفيذ ما بقي من الوصايا التي هو لم ينفذها عصيانا أو لعذر، كما أنه لا يصح الخلاف مع وضوح الأمر.
كما أنه لو شرط مباشرة الوصي بنفسه تنفيذ وصاياه، ليس له أن يوصى إلى شخص آخر. فهاتان الصورتان واضحتان ولا خلاف فيهما.
إنما الكلام والخلاف فيما إذا أطلق الموصى، أي لم يأذن في الإيصاء ولم يقيد الوصاية بمباشرة الوصي بنفسه ولم ينه أيضا عن الإيصاء، فقال الأكثر: إنه لا يجوز له الإيصاء، لعدم ولايته على مثل ذلك، لأن الموصى المالك جعل له جواز أن يتصرف في وصاياه بالشكل الذي أراده، والشارع أيضا نهى عن التبديل وأوجب العمل طبق ما أوصى، ولم يجعل له أن يجعل جواز التصرفات لغيره مع أن المال لغيره، ومقتضى الأصل أيضا عدم نفوذ إيصائه، لأن مفاد إطلاقات أدلة الوصاية نفوذ وصية المالك في ثلث ماله مطلقا، وفي الزائد مع إذن الورثة أو إجازتهم بعد الوصية. وأما غير المالك فليس له مثل هذا الحق إلا بإذنه.
وأما القائلون بالجواز فقاسوا المقام بتوكيل الوصي شخصا آخر بتنفيذ بعض الأمور الراجعة إلى الوصايا، كما أنه إذا كان بعض وصاياه إطعام الناس في إفطار الصائمين في شهر رمضان، أو في عشرة عاشوراء، فيجوز للوصي أن لا يباشر بنفسه ويوكل شخصا لإنفاذ هذه الوصية والعمل بها.
ولكن فيه: أنه مع كونه قياسا باطلا في نفسه، يكون فرق واضح بينهما، إذ الوصي في حال حياته مالك لمثل هذا التصرف، فيجوز أن يستنيب فيه غيره. وأما بعد موته لا يملك شيئا من التصرفات كي يستنيب شخصا آخر، بل بموته ينقطع، فإن كان من