من ماله شيئا، فوصيته ثانيا بثلث المضاف إلى نفسه لشخص آخر تكون مضادة لوصيته الأولى، فلا بد بأن يقال: الوصية الثانية إما لغو وكلام باطل، أو رجوع عن وصيته الأولى. ولكن ظاهر الكلام أنه رجوع مع إمكانه وعدم محذور. وحمله على اللغوية ولقلقة اللسان خلاف طريقة العقلاء وسيرتهم.
وبعبارة أخرى: حال الثلث المضاف إلى نفسه حال العين الخارجية المعينة من حيث عدم التعدد فيه، فكما أنه لو أوصى بمعين في الخارج، كدار أو دكان له لزيد مثلا، ثم أوصى ذلك العين الخارجي ثانيا لعمرو مثلا، يكون رجوعا عن الوصية الأولى بلا خلاف. فليكن ما نحن فيه أيضا كذلك، لأن الجهة فيهما واحدة، وهي عدم لزوم اللغوية في الثاني.
نعم لو لم يضف الثلث إلى نفسه بأن قال: أعطوا فلانا ثلثا من أموالي، أو يقول في الوصية التمليكية: ملكت فلانا ثلثا من أموالي، بدون إضافة الثلث إلى نفسه يمكن أن يقال: إن متعلق الوصية في الثاني غير ما هو متعلق الوصية في الأولى، لأن أحواله مشتملة على ثلاث أثلاث، فيمكن أن يكون الثلث الذي هو متعلق الوصية الأولى غير الثلث الذي يكون متعلق الوصية الثانية، وليس دليل يدل على اتحاد المتعلقين في البين.
اللهم إلا أن يقال: إن ظاهر كلامه أنه في مقام إنشاء وصية ماله أن يتصرف فيه وهو ثلث نفسه، وإلا فالثلثان الآخران خارجان عن تحت سلطنته وليس له أن يتصرف فيهما، فلو لم تكن إضافة في اللفظ فأيضا لا بد وأن يكون هو المراد، فالثلث المجرد عن الإضافة أيضا مثل المضاف، فيكون أيضا رجوعا عن الأولى.
وفيه: أن هذا القياس، أي قياس ثلث المجرد عن الإضافة بالثلث المضاف في غير محله، لأن المضاف ليس له فردان، وأما غير المضاف فله أفراد، فيمكن أن يكون المراد من الثلث في الوصية الثانية غير ما هو المراد في الوصية الأولى.