وأما كونها أولا فأولا فيما إذا لا يسع الثلث للجميع، فمثل ما ذكرنا وتقدم من استفادة الترتيب إما من تصريح الموصى بذلك، أو من الظهور اللفظي ككونها عقيب الفاء أو ثم، أو من القرائن الحالية أو المقالية ولو كانت هي الترتيب في الذكر كما تقدم.
وأما لو لم يستفد الترتيب من تصريحه أو ظهور لفظه بما ذكرنا، أو صرح بعدم الترتيب في مقام الوصية كأن قال: لا تقدموا بعض هذه على بعض، فإن لم يسع الثلث للجميع ولم يجز الورثة فيما زاد، فيقسط النقص على الجميع بنسبة نقص الثلث عن مجموع الوصايا.
مثلا لو أوصى وصية تبرعية لأحدهم بمائتين وللآخرين كل واحد منهما بمائة فالمجموع يصير أربعمائة ويفرض أن الثلث ثلاثمائة فالثلث ينقص عن الوصية بالربع أي يكون الثلث ثلاثة أرباع الوصية، فينقص عن نصيب كل واحد منهم ربع ما أوصى له، فمن صاحب المائتين يسقط خمسين، ومن الآخرين من كل واحد منهما خمسة وعشرين، وبعد إسقاط ما ذكرنا يبقى مجموع الوصية ثلاثمائة وهو مساو للثلث.
وهكذا الأمر في جميع موارد نقص الثلث عن مجموع الوصية فيما إذا لم يفهم ترتيب أو فهم عدمه.
ثم إنه لو اشتبه الأمر ولم يكن دليل على الترتيب ولا على عدمه، كما أنه لو عدد أشياء ثم أوصى بمجموعها وكان الثلث أقل، فهل يقسط النقص على الجميع أو يقرع؟
وجهان، والأظهر هو الأول.
هذا فيما إذا عين مقدار الموصى به لكل واحد منهم، وأما إذا لم يعين فيقسم بينهم بالسوية، كما إذا قال: أعطوا ثلث مالي بعد وفاتي زيدا وعمروا وبكرا، أو قال: ملكت ثلث أموالي هؤلاء وعددهم.
وها هنا رواية تدل على نفوذ الوصية أولا فأولا فيما إذا يفي الثلث بالجميع، بمعنى أنه يبدأ بإنفاذ الوصية بما أوصى أولا، ثم بما بعدها، وهكذا حتى يتم الثلث، وبطل